شيخة العامودي تكتب:

بعض مواقف الحياة تحتاج أن تتوقف عندها للحظات لتتابع سيرك فيها دون أن تشكو ألمًا يجعلك تتنفس ببطء شديد، وترسم الابتسامة بمواعيد وتنهض بتثاقل على مضض لتحيا يوما جديدا.

مواقف الحياة تلك كالجروح تمامًا، إن لم تعقّمها جيدًا بعد إزالة ما علق بها وتضمّدها، وتجدّد الضماد إلى أن تلتئم، ستلتهب ويتفشى أذاها، وبعد أن كانت ستبرأ خلال أيام قد يستغرق شفاؤها وقتًا طويلًا يتجاوز السنوات.

هذه الجروح التي تراكمت مع الأيام لها ملامح تدل على قِدمها وتستدل عليها من خلال أحداث، فمثلًا لو ثار عليك شخص كان حليمًا لسنوات مهما فعلت، يبادر لغض النظر واحتواء المواقف بعبارات، ثم بعد أيام كثيرة تمضي أنت فيها تتمادى بسبب ذوقه الأصيل في تجاوز الزلات، تراه لموقف ثار فأحرق أيامًا من كرمه معك بعبارات، ثورته تلك تأكد أنها «تراكمات».

في مثل هذا الموقف يجب أن تتوقف للحظات، سواء كنتَ الحليم أو المتمادي لتفهم الأسباب، فإن كنتَ المتجاوز الذي يتجاوز من أجل احتواء حدث لا تتقبله، ولا توضح فيه استياء مشاعرك ثم لا تثيره بعد يوم أو ثلاثة لتناقشه سيبقى عالقًا في روحك، فما دام أذاك فلن تنساه، فإن تكرر وتجاهلت مناقشته سيتراكم وسيصبح للغضب نواة سيكبر ويتشعب كلما أحطته بصمتك، ثم دون وعي سيتناثر في الأجواء مع دويّ لن يسكت في الحال، يجب أن تتعلم أن تعبّر عن المواقف التي تؤذيك وتوجّه صاحبها لتفادي لحظة الانفجار التي حتمًا ستؤذيك شظاياها، وسيبقى أذاها لغيرك مجهول التوقعات.

فإن كنتَ تتمادى متعمّدًا فأنت في حاجة لإرشاد، ولتُهذب نفسك تذكّر أن المواقف ديون تأتي على هيئة أشخاص، واعلم أن عواقب نفاد الصبر وخيمة تشبه لحظة دوي البركان.

أما إن كنت تجهل هل أنت شخص متمادٍ أم لا، فإليك مقياس موزون لتزن فيه الأمور، ضع نفسك في مواقف الغير في الأفعال والأقوال وقِس، فإن أبيتها على ذاتك حتمًا ستتوقف وستبادر في تعديل اتجاه السلوك، وسيرافقك في ذلك الإحساس.

يُقال «اتقِ شر الحليم إذا غضب» هو قول توارثناه منذ أجيال وما زلنا عندما نردده نظنه كُتب في الحال، ولولا صحته ومتانة مصداقيته لطمس بعد أن قيل بأيام.

ذاك كان مثالًا على موقف من وقفات الحياة، فتعلم أن تتدارسها لتحيا بسلام.

*وقفة

كسرة النفس تبرأ بالحديث، والحديث المتراكم مر إن لم تبُح به الأحاديث، والنفس ميَّالة لإنصافها فأنصفها، وفي إنصافها تهذب متخيّرًا وقتًا جيدًا للحديث.

@ALAmoudiSheika