عبدالله العزمان يكتب:

يحدث أن تلتقي صديقا قديما بعد عقود من الزمن، فيبتهج برؤيتك ويسأل عن أحولك ثم يقول «لك ما شاء الله عليك ما تغيرت، أو بالفعل لقد زانك اللون الأبيض جمالا» وينظر إلى ابنك الذي بصحبتك، فيقول له مداعبا: لقد كان أبوك هداف فريقنا أو صخرة دفاعه، تلك وغيرها من العبارات المبهجة للنفس، لباقة يجيدها البعض منا وعلى الرغم من بساطتها فإنها تترك أثرا جميلا على من قيلت له، وتنعكس لديه صورة ذهنية إيجابية عن قائلها.

يجيد الكثير منا لغة النقد والإسقاط، بينما يوجد هنالك نفر آخر من الناس يهتم بانتقاء عباراته، ويحرص على قطفها من بستان زرعه المليء بالإيجابية، بل إنك لتجده يجتهد في تغليف تلك العبارات كما يجتهد المحب في تجهيز هديته لمحبوبه. إن كلمات المجاملة البسيطة لها أثر السحر على النفوس، فنحن تكتنفنا أرواح تأسرها الكلمات الطيبة وتدفعها للبذل والعطاء.

ويعرف هذا النوع من بين الناس بأنهم الدبلوماسيون، لكون أن كلامهم يشبه كلام السفير الذي يعبر عن رأي دولته، وتسهم كلماته في تعميق أواصر التعاون بين الدول وتعزيزها عبر الكلمات، التي ينقلها ويتحدث بها.

اللباقة هي نوع من الدبلوماسية الحديثة، ولكنه خلق متأصل في هذه الأمة، فقدوتنا عليه الصلاة والسلام يقول: (ليس منا مَن لم يرحم صغيرنا، ويوقر كبيرنا) وهذا ولا شك في أنه جانب راقٍ من جوانب اللباقة والدبلوماسية الرائعة، التي ربى بها نبينا أمته عليه.

ويجدر بنا أن نقول في الختام، إن الكلمات الجميلة ليست مالا ننفقه فنخاف أن ينضب، ولا تجارة نخشى أن تقل، ولا يتكلف أحدنا بها جهدا فيتردد في القيام به، بل هي أمر سهل تؤجر وتثاب عليه، قال معاذ بن جبل -رضي الله عنه-: (إن المسلمين إذا التقيا، فضحك كل واحد منهما في وجه صاحبه، ثم أخذ بيده، تحاتت ذنوبهما كتحات ورق الشجر)، وقال عبدالله بن المبارك: (حسن الخلق: طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى).

قال محمود الأيوبي:

والمرء بالأخلاق يسمو ذكره.. وبها يفضل في الورى ويوقر

@azmani21