عبدالله محمد اللحيدان

في البدء نحمد الله على ما كان من تنفيذ حكم الله في الجناة المفسدين، وأن وفَّق ولاة أمرنا بتحكيم شرع الله فينا، وتنفيذ حكمه في الفئة الضالة المارقة، وفي كل من يقوم بزعزعة الأمن ويعرِّض مصالح المجتمع للخطر، ومَن يقوم بترويع الآمنين وسفك الدماء المعصومة، والخروج على ولاة هذه البلاد المباركة - حفظهم الله وأيَّدهم - الذين أقاموا فينا العدل تطبيقًا لشرع الله وتحقيقًا لمصالح العباد، وصيانة لأمنهم واستقرارهم، وردعًا للمفسدين في الأرض وربنا يقول (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو يُنفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم).

ثم علينا الحذر من الوقوع فرائس لأفكار هذه الفئات الضالة وقد تبين للناس سوء فِعالهم وما ألحقوه بالأمة من انتكاسات وفتن وشرور لا يعلم مداها إلا الله، ومكّنوا للأعداء التسلط على المسلمين وحكم بلادهم، فغدت هذه الجماعات والأحزاب معاول هدم بأيدي الأعداء بخروجهم عن إجماع الأمة، وانتهاجهم نهج الخوارج القدامى، ولقد بيَّن لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم صفاتهم حتى لا يُفتتن بهم مَن ليس عنده شيء من العلم فقال: (يخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرًا لمَن قتلهم يوم القيامة) فوجب الحذر.

وإذ مآل دعاواهم الشيطانية تجرُّؤهم على استباحة الدماء المعصومة، نعلم زيفهم وزيغهم، إذ لم يرد في الشرع تشديد بعد الشرك كالتشديد على حرمة الدماء، قال الله تعالى (والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر ولا يقتلون النفس التي حرَّم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يُضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا)، وقال تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما)، وفي الصحيح قال صلى الله عليه وسلم: (لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما)، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَن قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة).

وعلى ذلك فإن مسؤولية الآباء والمعلمين كبرى في حفظ الأبناء من الانزلاق في أتون الفساد والضلال والانحراف، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) وهذه المسؤولية لها نواحٍ عديدة، فمع إرشادهم إلى الإيمان بالله -تعالى-، والانقياد له بالسمع والطاعة بإخلاص ومتابعة نبيه صلى الله عليه وسلم تجب حمايتهم من الفتن ومزالق المعاصي ومكامن الآفات، وتنمية روح المراقبة لله -تعالى- لديهم؛ لتنعكس على تصرفاتهم وأحوالهم، وتنشئتهم التنشئة الدينية الصحيحة وعلى الفضائل الخلقية والسلوكية والوجدانية ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن)، وكذلك متابعتهم في اختيار جلسائهم، فالأعداء يتربصون بهم ليصرفوهم عن صراط الله المستقيم، حفظ الله بلادنا وولاتنا ومجتمعنا من كل سوء.