اتصل بي وهو في غاية الأدب ورفيع الخلق، وقال: تابعت بعض مقالاتك، وأعانك الله علي. أتسمح لي أن أخبرك بأمور في التربية، قد تكتب عنها يوما؟ فرحبت به واستمعت، واستمتعت بما يقول، قال: كنت في المناسبات الأسرية والاجتماعية أقول لبناتي أو أبنائي: إذا زرنا آل فلان، ورأيتم البنات، فلا تنتقدوا شيئا، ليس من شأنكم لماذا تلبسين هذا الفستان، غير متناسق الألوان، لا يركب مع لون (الشنطة) أو (الحذاء) هي لم تأخذ رأيك عندما اشترته، ولا يهمها ذوقك، هي تهتم بذوقها هي، وما لا يعجبك أنت قد يكون عندها في قمة الأناقة. ولا تنتقدوا المنزل، ولماذا جعلتم مجلس النساء بهذه الديكورات، أو لماذا لم تشتروا (الكنب المتصل) أو (المنفصل) أو غيرها.. ولا تنتقدوا الأكل أبدا، إن أعجبكم فكلوه، وإلا فجاملوا. ليس من شأنكم النقد، أنتم شأنكم أن تدخلوا السرور على قلوبهم، وترسموا الابتسامات على وجوههم فقط.
ألا ترى أن كثيرا منا ابتلي بالنظر إلى جزء الكأس الفارغ؟ كم من شخص ناجح كنا نتفرج عليه وهو يصارع الحياة، ويعاني الصعاب، وهو يشق طريقه إلى النجاح، ونحن نراقبه بصمت، حتى إذا وصل لما يريد، تطوعنا نحن بنصائح لم يطلبها منا، لماذا لم تختر وظيفة غير هذه؟ أليس هناك راتب أكبر في مجال آخر؟ تتعب وتدرس من أجل هذه الوظيفة التي لا تليق بك؟ وهكذا نسرد عليه أنواع المثبطات بدلا من أن نبارك له نجاحه، ونحثه على مواصلة مسيرته في هذه الحياة. ليس من شأننا أن نغوص في خصوصيات الناس، فلم يستشيرونا في حياتهم، فلماذا نتبرع بنصائح قد تضايقهم أكثر مما تفرحهم، على أنهم لم يطلبوها منا أصلا. ولو كنا مكانهم لما سمحنا لهم أن ينصحونا، وقد انتهينا من أمورنا.
هذا رجل يشتري منزلا، وبدلا من التهاني، من زواره تسمع منهم: أليس هناك حي أفضل وأشرح من هذا الحي الذي سكنت فيه؟ فلان اشترى منزلا أكبر من منزلك بسعر أقل من هذا؟ وهكذا تسمع كلاما جافا كالقنابل.. هم لا يعلمون أنه دفع دم قلبه، وبذل ماء وجهه ليحصل على منزله، وليس همهم إلا أن ينغصوا عليه فرحته..
أليس الأجدر بنا يا أخي أن نتمثل أخلاق النبي؟ كان لا يواجه أحدا في وجهه بشيء يكرهه. بل كان كثير إدخال السرور على قلوب الناس. ألم تقرأ: (أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله عز وجل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد، يعني مسجد المدينة، شهرا، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه، ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله عز وجل قلبه أمنا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى أثبتها له أثبت الله عز وجل قدمه على الصراط يوم تزل فيه الأقدام). أين نحن من هذا الرقي الكريم؟ لماذا أصبحنا فقراء في مراعاة مشاعر الناس؟. لماذا تولعت نفوسنا بحب النقد؟!
ما رأيك في كلامي؟ قلت: ليس من شأني أن أنتقد كلامك!. فضحك.
إلى اللقاء..
mhajjad@gmail.com
ألا ترى أن كثيرا منا ابتلي بالنظر إلى جزء الكأس الفارغ؟ كم من شخص ناجح كنا نتفرج عليه وهو يصارع الحياة، ويعاني الصعاب، وهو يشق طريقه إلى النجاح، ونحن نراقبه بصمت، حتى إذا وصل لما يريد، تطوعنا نحن بنصائح لم يطلبها منا، لماذا لم تختر وظيفة غير هذه؟ أليس هناك راتب أكبر في مجال آخر؟ تتعب وتدرس من أجل هذه الوظيفة التي لا تليق بك؟ وهكذا نسرد عليه أنواع المثبطات بدلا من أن نبارك له نجاحه، ونحثه على مواصلة مسيرته في هذه الحياة. ليس من شأننا أن نغوص في خصوصيات الناس، فلم يستشيرونا في حياتهم، فلماذا نتبرع بنصائح قد تضايقهم أكثر مما تفرحهم، على أنهم لم يطلبوها منا أصلا. ولو كنا مكانهم لما سمحنا لهم أن ينصحونا، وقد انتهينا من أمورنا.
هذا رجل يشتري منزلا، وبدلا من التهاني، من زواره تسمع منهم: أليس هناك حي أفضل وأشرح من هذا الحي الذي سكنت فيه؟ فلان اشترى منزلا أكبر من منزلك بسعر أقل من هذا؟ وهكذا تسمع كلاما جافا كالقنابل.. هم لا يعلمون أنه دفع دم قلبه، وبذل ماء وجهه ليحصل على منزله، وليس همهم إلا أن ينغصوا عليه فرحته..
أليس الأجدر بنا يا أخي أن نتمثل أخلاق النبي؟ كان لا يواجه أحدا في وجهه بشيء يكرهه. بل كان كثير إدخال السرور على قلوب الناس. ألم تقرأ: (أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله؟ وأي الأعمال أحب إلى الله عز وجل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد، يعني مسجد المدينة، شهرا، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظه، ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله عز وجل قلبه أمنا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى أثبتها له أثبت الله عز وجل قدمه على الصراط يوم تزل فيه الأقدام). أين نحن من هذا الرقي الكريم؟ لماذا أصبحنا فقراء في مراعاة مشاعر الناس؟. لماذا تولعت نفوسنا بحب النقد؟!
ما رأيك في كلامي؟ قلت: ليس من شأني أن أنتقد كلامك!. فضحك.
إلى اللقاء..
mhajjad@gmail.com