خالد الشنيبر

في الأسبوع الماضي أعلنت الهيئة العامة للإحصاء عن نتائج نشرة سوق العمل للربع الرابع من عام 2021م، وكانت النتائج بشكل عام إيجابية تعكس مدى أثر قرارات التوطين، التي تم الإعلان عنها خلال الفترة الماضية، والتي تركزت بشكل كبير على الجانب النوعي، وفي هذا المقال سأتطرق لملخص عن بعض المؤشرات، التي تم الإعلان عنها في النشرة.

في الغالب، يتم الحُكم على سوق العمل من خلال مراقبة معدل البطالة بشكل منفرد، وشخصياً أرى أن معدل البطالة «منفرداً» لا يكفي لتشخيص أثر الإصلاحات في سوق العمل، وهناك مؤشرات أخرى أتابعها وتهمني بشكل أكبر كمؤشرات المشتغلين السعوديين ومقارنتها بالفترات السابقة، وهذا الأمر يعي أهميته المختصون الاقتصاديون ومختصو سوق العمل.

حسب نتائج النشرة نجد أن معدل البطالة للسعوديين انخفض إلى 11 % مقارنة بـ 12.6 % لنفس الفترة من عام 2020م، ومقارنة بـ 11.3 % من الربع الثالث لعام 2021م، ويعتبر هذا الانخفاض كأقل مستوى نصل له في سوق العمل تاريخياً، وعند التطرق لمعدلات البطالة من المهم مراقبة التسلسل التاريخي للمعدل ابتداء من عام 2017م، وذلك لسببين رئيسيين، الأول هو أن عام 2017م يعتبر «خط الأساس» في قياس العديد من مؤشرات سوق العمل المستهدفة في برنامج «التحول الوطني»، والسبب الثاني أن أغلب إصلاحات سوق العمل تم البدء في تطبيقها تدريجياً في عام 2017م.

في بداية 2017م كان معدل البطالة للسعوديين عند 12.7 %، واستمر عند نفس المستوى تقريباً حتى نهاية 2018م، ثم بدأ بالانخفاض تدريجياً حتى وصل إلى 12 % بالربع الرابع من عام 2019م، وفي عام 2020م ارتفعت معدلات البطالة إلى مستويات وصلت إلى 15.4 % بسبب أزمة الكورونا، ولكن «ولله الحمد» كان هناك دعم من الدولة في كثير من القرارات لعمل توازن في سوق العمل، وتخفيف الأضرار على جميع أطرافه، مما أدى ذلك إلى إعادة انخفاض معدل البطالة بنهاية 2020م، ومع نهاية عام 2021م انخفضت معدلات البطالة حتى وصلت إلى 11 % كأقل مستوى تاريخي نصل له في سوق العمل.

زيادة المشاركة في القوى العاملة للسعوديين يعتبر هدفا إستراتيجيا عام، وهذا الأمر لا نختلف عليه، حيث وصل لأعلى مستوى عند 51.5 % في الربع الرابع 2021م مقارنة بـ 49.8 % في الربع السابق، ونجد أن معدل المشاركة في القوى العاملة للإناث السعوديات ارتفع إلى 35.6 % مقارنة بـ 34.1 % في الربع السابق، وهذا الرقم يتجاوز مستهدفات التحول الوطني، وللعلم خط الأساس لهذا المؤشر كان في عام 2017م ما يقارب 17 %.

بحسب النشرة نجد ارتفاعا في أعداد المشتغلين السعوديين في الربع الرابع من عام 2021م بما يقارب 107 آلاف مشتغل سعودي مقارنة بأعداد المشتغلين السعوديين في الربع الثالث من عام 2021م، وتوزع هذا العدد بمستويات متقاربة ما بين الذكور والإناث «51 % إناثا، 49 % ذكورا»، والأغلب كان في منشآت القطاع الخاص، الذي ساهم بشكل كبير في تحسين مؤشرات سوق العمل.

بتشخيص الوضع الراهن، نجد أن أهم أسباب تحسن كثير من المؤشرات في سوق العمل نتجت من إطلاق الوزارة في العام الماضي لما يقارب 32 قرارا وزاريا لتوطين الأنشطة والمهن والمناطق من خلال مراحل زمنية، التي كان لها الأثر والدور الفعال في المساهمة في ارتفاع مشاركة الكوادر الوطنية في سوق العمل، إضافة لذلك تنويع أنماط العمل ورفع جاذبيتها، التي عملت عليها وزارة الموارد البشرية مثل «العمل المرن والعمل عن بُعد والعمل الحر»، كان لها أثر كبير في ارتفاع معدل المشاركة في القوى العاملة لإجمالي السعوديين، وأرى أن تلك المؤشرات في مسار ارتفاع واضح.

‏ختاماً، وفقاً للمؤشرات المُعلنة في النشرة، أرى أننا في مسار آمن بإذن الله، وما زلت متفائلاً في الـ 30 قرارا للتوطين، الذي تعمل الوزارة على إطلاقها هذا العام في مختلف الأنشطة والمهن والمناطق حسب احتياج سوق العمل، بالمواءمة مع الجهات الإشرافية للأنشطة والمهن المستهدفة.

@Khaled_Bn_Moh