أفكار وخواطر
قال القدماء: «إذا فتحت فاك عرفناك»، وهذا يدل على أن العلاقة جد وطيدة بين الثقافة واللغة، فهذا القول يعني أن المرء إذا تكلم بين الناس في قضية بعينها أو قضايا بعينها عرفت ثقافته من خلال حديثه، بل وقد تعرف أحواله الاجتماعية والاقتصادية؛ لأن اللغة لها دور عظيم في تنمية وصقل ثقافة الإنسان، وعلى مستوى المجتمعات، فإن الثقافات إذا انتشرت بشكل جيد انعكس هذا الانتشار على اللغة، وأستطيع القول بمعنى يبدو أنه أكثر تحديدا لهذه العلاقة أن الثقافات إذا انتشرت انتشارا واسعا فأثرت على لغة شعب من الشعوب، فإننا نستطيع القول باطمئنان إن أهل هذه الثقافات أصبحت لديهم المؤهلات المطلوبة للدخول في طور الحضارة بما تحمله هذه الحضارة من أبعاد واصطلاحات ثقافية، ويمكنني الآن استنادا إلى هذه المقولة أن أطرح السؤال التالي: إلى أي مدة استطاعت اللغة العربية أن تكون جسرا «لتوصيل» الثقافات بين دول عالمنا العربي؟ ويبدو أن الإجابة سوف تكون ضمنا، فنحن في أقطار عالمنا العربي لا نتحدث بلغة مفهومة، فلدينا لغة فصيحة موروثة ولغة فصيحة معاصرة تختلف أشكالها ومضامينها عن لغتنا التراثية، ونجد هذه اللغة المعاصرة منتشرة في أدواتنا الإعلامية مقروءة أو مرئية أو مسموعة، ثم هناك عشرات اللهجات التي تمثل كل واحدة منها ثقافة خاصة، فرغم تأثرنا باللغة الموروثة إلا أننا لا نتحدث بروحها.
إننا نتحدث «بلغة فصيحة معاصرة» إن جاز القول نجدها سارية المفعول في معظم فعالياتنا الثقافية ولها مريدوها وأنصارها، إلا أن أدوارها التثقيفية تبدو متضاءلة أمام أدوار العاميات، التي أصبحنا نمارسها في التمثيليات التلفازية والإذاعية وعلى خشبات المسرح، وقد امتدت هذه العاميات وتشعبت إلى أن أصبحنا نستخدمها في الكتابة الصحفية والأدبية، ناهيك أننا نستخدمها في محادثاتنا اليومية على كل الأصعدة، أي أن هذه العاميات أصبحت شعبية رغم بريق اللغة الفصحى بشكليها التراثي والحديث، وتبعا لهذه الشعبية السائدة في عالمنا العربي، وبما أن كل عامية أضحت محصورة داخل إقليمها أو محيطها المحلي، فقد نشأت عدة مستويات أدبية وفنية، أي عدة مستويات ثقافية، وهنا تكمن الخطورة على ثقافتنا العربية، التي ما زلنا ندعو اليوم إلى توجيه أشكالها ومضامينها في قالب واحد حتى لا تضيع هويتنا الثقافية بشخصيتها المستقلة المميزة، وذلك لن يتأتى إلا بتوحيدها عن طريق قيام أجهزتنا الرسمية المنوط بها الحفاظ على الثقافة العربية في كل أقطارنا العربية بالاتفاق الجماعي على قواسم مشتركة وثوابت نحافظ بها على جوهر ثقافتنا العربية الأصيلة.
mhsuwaigh98@hotmail.com
إننا نتحدث «بلغة فصيحة معاصرة» إن جاز القول نجدها سارية المفعول في معظم فعالياتنا الثقافية ولها مريدوها وأنصارها، إلا أن أدوارها التثقيفية تبدو متضاءلة أمام أدوار العاميات، التي أصبحنا نمارسها في التمثيليات التلفازية والإذاعية وعلى خشبات المسرح، وقد امتدت هذه العاميات وتشعبت إلى أن أصبحنا نستخدمها في الكتابة الصحفية والأدبية، ناهيك أننا نستخدمها في محادثاتنا اليومية على كل الأصعدة، أي أن هذه العاميات أصبحت شعبية رغم بريق اللغة الفصحى بشكليها التراثي والحديث، وتبعا لهذه الشعبية السائدة في عالمنا العربي، وبما أن كل عامية أضحت محصورة داخل إقليمها أو محيطها المحلي، فقد نشأت عدة مستويات أدبية وفنية، أي عدة مستويات ثقافية، وهنا تكمن الخطورة على ثقافتنا العربية، التي ما زلنا ندعو اليوم إلى توجيه أشكالها ومضامينها في قالب واحد حتى لا تضيع هويتنا الثقافية بشخصيتها المستقلة المميزة، وذلك لن يتأتى إلا بتوحيدها عن طريق قيام أجهزتنا الرسمية المنوط بها الحفاظ على الثقافة العربية في كل أقطارنا العربية بالاتفاق الجماعي على قواسم مشتركة وثوابت نحافظ بها على جوهر ثقافتنا العربية الأصيلة.
mhsuwaigh98@hotmail.com