تزدهر في الأحساء بعد صلاة التراويح وتستمر حتى فترة السحور
أكد مختصون أن منطقة الأحساء على وجه التحديد كونها أحد أعرق مناطق المملكة، تبرز فيها عادات وتقاليد اجتماعية أصيلة تعكس عمق الترابط والتكافل والتكامل بين أفراد المجتمع، إذ يزدهر في شهر رمضان المبارك تبادل الزيارات والتجمعات في الدواوين والمجالس، فالبعض يفضل أن تكون بعد الإفطار مباشرة أو بعد صلاة التراويح، لتستمر حتى فترة السحور.
الرؤية بالعين
وذكر مشرف لجنة التراث والفنون الشعبية ومدير جمعية الثقافة والفنون المكلف بالأحساء يوسف الخميس، أن الأحسائيين في الفترة الماضية كانوا يعتمدون على الرؤية بالعين المجردة في مناطقهم لثبوت أول أيام الشهر الكريم، وحين تثبت رؤيته لدى بعضهم ويطمئن الفقهاء المحليون للشخوص الذين رأوا الهلال، ينتشر الخبر بين بقية الأحياء فيبدأ الجميع في الاستعداد لصوم اليوم الأول من رمضان، وتكون ليلة رمضان الأولى ليلة فرح وسرور، إذ يبدأ الصغار في الاحتفال وترديد الأناشيد الشعبية المتداولة في الأحساء وقراها، مثل «حياك الله يا الرمضان أبو القرع والبيديان»، في حين يبدأ الكبار الاستعداد لليوم الأول نساء ورجالا، بطرق شعبية متوارثة تميز الإقليم عن غيره من أقاليم الجزيرة العربية. وأضاف: شهر رمضان في الأحساء هو شهر التواصل والتراحم والسماحة والطيبة، فعادة ما كانت العائلات تتبادل الزيارات فيما بينها بعد الإفطار مباشرة أو بعد العشاء، فيخرج الرجال مجموعات وأفرادا باتجاه بعض الدواوين أو المجالس إلى زيارات متفق عليها سابقا، أو تم الاتفاق عليها في اللحظة بين الأقارب أو الأصدقاء أو الجيران، لزيارة أفراد أو مجاميع أخرى، وعادة ما تكون هذه الدواوين أو المجالس، التي تتم زيارتها لوجهاء في القرى والأحياء أو لكبار السن من الأقارب والأصحاب، وتكثر هذه الزيارات في الأيام الثلاثة الأولى للتهنئة بالشهر الكريم، ثم تتوالى بعد ذلك بقصد الترفيه والسمر وتجديد الهمم بعد عناء الصوم ومشقته، في حين تنصرف النساء لإنجاز الأعمال المنزلية، وربما يقطعنها أحيانا في استراحات قصيرة وأحاديث مشتركة وزيارات للأهل.
إحياء العادات
وتابع: يجتمع شمل العائلة الكبيرة معا في اليوم الأخير أو الليلة الأخيرة من شعبان على الوجبة الأخيرة، التي تسبق اليوم الأول من شهر رمضان، وهي الوجبة التي تكون بمثابة الوداع لشهر شعبان وتهيئة أجواء الألفة والمحبة التي ترافق الشهر الكريم، وتسمى هذه الوجبة قرش أو قريش، وهي عادة متداولة في العديد من مناطق الخليج، والأحساء تحيي هذه العادات الرمضانية مثل النقصة والغبقة وبوطبيلة «المسحراتي» وطوب رمضان «مدفع رمضان» والقرقيعان، وبعض الأهازيج الرمضانية، مثل أهزوجة ليلة النافلة التي تقول: الليلة ليلة النافلة والحسود عينة غافلة.. الليلة ليلة النافلة وشعبان أنواره سافرة.
عمق الترابط
أما الكاتب عبداللطيف الوحيمد، فقال إن الأحساء تبرز كواحدة من أعرق مناطق المملكة بعادات وتقاليد اجتماعية أصيلة، تعكس عمق الترابط والتكافل والتكامل بين أفراد المجتمع، ومن العادات القديمة في رمضان، التي لا تزال قائمة في مجتمعنا حتى الآن، تقديم بعض الأسر المأكولات التي تعدها لمائدة الإفطار للجيران، الذين يقومون بدورهم بمبادلتهم هذه الهدية المتعارف عليها محليا بكلمة «نقصة»، فعند أذان المغرب ترى الصبية من بنين وبنات يحملون على رؤوسهم أو بأيديهم صواني الأطباق إلى الجيران، ويأخذون منهم حصتهم مما أُعد لمائدة ذلك اليوم، وهذه العادة الاجتماعية المتأصلة في الأحساء تمتد إلى عقود من الزمن كنوع من التكافل الاجتماعي، الذي حث عليه ديننا الإسلامي وأوصى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للجار من البر والإحسان والمعروف، وتخصيصه بما يطبخه أهل البيت من الأطعمة.
واستطرد قائلا: هناك عادة أخرى وهي تبادل الحاجات بين الجيران أو النواقص التي يتطلبها الطبخ، ولا يكون ذلك إلا بين الجيران الحميمين، الذين يشعرون كأنهم أسرة واحدة، وليس بينهم تكلف في التعامل أو مجاملة، إذ ترسل المرأة ابنها أو ابنتها الصغيرة إلى إحدى جاراتها لتجلب منها ما تحتاج والعكس.
مأكولات محببة
وتابع: كل هذا بالإضافة إلى عمق التواصل الاجتماعي بين الرجال والنساء والعائلات، سواء على صعيد الأقارب أو الجيران أو المعارف، وتقوى هذه الرابطة في شهر رمضان الذي يحلو فيه السمر وتبادل الزيارات واللقاءات العائلية، وتفتح الأسر الكبيرة مجالسها التي تنشئها لمناسبات الأفراح والأتراح وكل ما يقوي عرى القربى، ويستقبل فيها المهنئون بحلول شهر رمضان، وتبقى مفتوحة طوال الشهر من بعد صلاة التراويح حتى ساعة متأخرة من الليل، ويتوافد عليها الأقارب والمقربون من الأسرة ومعارفها من مختلف المدن ويتبادلون فيها الأحاديث العامة، وتعقد فيها الدروس الدينية والأمسيات الأدبية، ومن المظاهر السنوية التي تشهدها الأحساء في شهر رمضان المبارك قيام عدد كبير من الشبان والأطفال بنصب طاولات واسطبات أو عربات متنقلة لبيع مأكولات خفيفة للمارة، ويحقق الباعة لتلك المواد عائدا ماليا مجزيا في نهاية الشهر الكريم، فقد أكد أحد الباعة تحسن أحواله المادية من ريع هذا النشاط، إذ تجد هذه المأكولات المحببة إلى الناس في رمضان بالذات إقبالا كبيرا من الرجال والنساء والأطفال.
الأطعمة الشعبية
واستكمل حديثه قائلا: لا يكاد يخلو شارع من شوارع الأحساء وميادينها وحدائقها وأرصفتها المستعملة مضامير للمشاة من باعة الأكلات الشعبية الخفيفة، إذ تخلو المعدة من طعام الإفطار من بعد صلاة التراويح وتشتهي النفس أكل هذه الأطعمة، وتؤكل أثناء السير بالسيارة أو عند الجلوس في الحدائق والاستراحات والمزارع وغيرها، ومع حلول الفطر يتقلص عدد أولئك الباعة إلى النصف، لأن الإقبال على أطعمتهم يتراجع عما هو عليه في رمضان، ويكون عدد الباعة في القرى وفي الأحياء الشعبية في المدن أكثر مما هو في الأحياء الحديثة، وذلك لما تتسم به القرى والأحياء الشعبية من البساطة أكثر من الأحياء الحديثة، التي تطغى عليها مظاهر التمدن، التي تكتسح الكثير من العادات القديمة والأصيلة.
الرؤية بالعين
وذكر مشرف لجنة التراث والفنون الشعبية ومدير جمعية الثقافة والفنون المكلف بالأحساء يوسف الخميس، أن الأحسائيين في الفترة الماضية كانوا يعتمدون على الرؤية بالعين المجردة في مناطقهم لثبوت أول أيام الشهر الكريم، وحين تثبت رؤيته لدى بعضهم ويطمئن الفقهاء المحليون للشخوص الذين رأوا الهلال، ينتشر الخبر بين بقية الأحياء فيبدأ الجميع في الاستعداد لصوم اليوم الأول من رمضان، وتكون ليلة رمضان الأولى ليلة فرح وسرور، إذ يبدأ الصغار في الاحتفال وترديد الأناشيد الشعبية المتداولة في الأحساء وقراها، مثل «حياك الله يا الرمضان أبو القرع والبيديان»، في حين يبدأ الكبار الاستعداد لليوم الأول نساء ورجالا، بطرق شعبية متوارثة تميز الإقليم عن غيره من أقاليم الجزيرة العربية. وأضاف: شهر رمضان في الأحساء هو شهر التواصل والتراحم والسماحة والطيبة، فعادة ما كانت العائلات تتبادل الزيارات فيما بينها بعد الإفطار مباشرة أو بعد العشاء، فيخرج الرجال مجموعات وأفرادا باتجاه بعض الدواوين أو المجالس إلى زيارات متفق عليها سابقا، أو تم الاتفاق عليها في اللحظة بين الأقارب أو الأصدقاء أو الجيران، لزيارة أفراد أو مجاميع أخرى، وعادة ما تكون هذه الدواوين أو المجالس، التي تتم زيارتها لوجهاء في القرى والأحياء أو لكبار السن من الأقارب والأصحاب، وتكثر هذه الزيارات في الأيام الثلاثة الأولى للتهنئة بالشهر الكريم، ثم تتوالى بعد ذلك بقصد الترفيه والسمر وتجديد الهمم بعد عناء الصوم ومشقته، في حين تنصرف النساء لإنجاز الأعمال المنزلية، وربما يقطعنها أحيانا في استراحات قصيرة وأحاديث مشتركة وزيارات للأهل.
إحياء العادات
وتابع: يجتمع شمل العائلة الكبيرة معا في اليوم الأخير أو الليلة الأخيرة من شعبان على الوجبة الأخيرة، التي تسبق اليوم الأول من شهر رمضان، وهي الوجبة التي تكون بمثابة الوداع لشهر شعبان وتهيئة أجواء الألفة والمحبة التي ترافق الشهر الكريم، وتسمى هذه الوجبة قرش أو قريش، وهي عادة متداولة في العديد من مناطق الخليج، والأحساء تحيي هذه العادات الرمضانية مثل النقصة والغبقة وبوطبيلة «المسحراتي» وطوب رمضان «مدفع رمضان» والقرقيعان، وبعض الأهازيج الرمضانية، مثل أهزوجة ليلة النافلة التي تقول: الليلة ليلة النافلة والحسود عينة غافلة.. الليلة ليلة النافلة وشعبان أنواره سافرة.
عمق الترابط
أما الكاتب عبداللطيف الوحيمد، فقال إن الأحساء تبرز كواحدة من أعرق مناطق المملكة بعادات وتقاليد اجتماعية أصيلة، تعكس عمق الترابط والتكافل والتكامل بين أفراد المجتمع، ومن العادات القديمة في رمضان، التي لا تزال قائمة في مجتمعنا حتى الآن، تقديم بعض الأسر المأكولات التي تعدها لمائدة الإفطار للجيران، الذين يقومون بدورهم بمبادلتهم هذه الهدية المتعارف عليها محليا بكلمة «نقصة»، فعند أذان المغرب ترى الصبية من بنين وبنات يحملون على رؤوسهم أو بأيديهم صواني الأطباق إلى الجيران، ويأخذون منهم حصتهم مما أُعد لمائدة ذلك اليوم، وهذه العادة الاجتماعية المتأصلة في الأحساء تمتد إلى عقود من الزمن كنوع من التكافل الاجتماعي، الذي حث عليه ديننا الإسلامي وأوصى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للجار من البر والإحسان والمعروف، وتخصيصه بما يطبخه أهل البيت من الأطعمة.
واستطرد قائلا: هناك عادة أخرى وهي تبادل الحاجات بين الجيران أو النواقص التي يتطلبها الطبخ، ولا يكون ذلك إلا بين الجيران الحميمين، الذين يشعرون كأنهم أسرة واحدة، وليس بينهم تكلف في التعامل أو مجاملة، إذ ترسل المرأة ابنها أو ابنتها الصغيرة إلى إحدى جاراتها لتجلب منها ما تحتاج والعكس.
مأكولات محببة
وتابع: كل هذا بالإضافة إلى عمق التواصل الاجتماعي بين الرجال والنساء والعائلات، سواء على صعيد الأقارب أو الجيران أو المعارف، وتقوى هذه الرابطة في شهر رمضان الذي يحلو فيه السمر وتبادل الزيارات واللقاءات العائلية، وتفتح الأسر الكبيرة مجالسها التي تنشئها لمناسبات الأفراح والأتراح وكل ما يقوي عرى القربى، ويستقبل فيها المهنئون بحلول شهر رمضان، وتبقى مفتوحة طوال الشهر من بعد صلاة التراويح حتى ساعة متأخرة من الليل، ويتوافد عليها الأقارب والمقربون من الأسرة ومعارفها من مختلف المدن ويتبادلون فيها الأحاديث العامة، وتعقد فيها الدروس الدينية والأمسيات الأدبية، ومن المظاهر السنوية التي تشهدها الأحساء في شهر رمضان المبارك قيام عدد كبير من الشبان والأطفال بنصب طاولات واسطبات أو عربات متنقلة لبيع مأكولات خفيفة للمارة، ويحقق الباعة لتلك المواد عائدا ماليا مجزيا في نهاية الشهر الكريم، فقد أكد أحد الباعة تحسن أحواله المادية من ريع هذا النشاط، إذ تجد هذه المأكولات المحببة إلى الناس في رمضان بالذات إقبالا كبيرا من الرجال والنساء والأطفال.
الأطعمة الشعبية
واستكمل حديثه قائلا: لا يكاد يخلو شارع من شوارع الأحساء وميادينها وحدائقها وأرصفتها المستعملة مضامير للمشاة من باعة الأكلات الشعبية الخفيفة، إذ تخلو المعدة من طعام الإفطار من بعد صلاة التراويح وتشتهي النفس أكل هذه الأطعمة، وتؤكل أثناء السير بالسيارة أو عند الجلوس في الحدائق والاستراحات والمزارع وغيرها، ومع حلول الفطر يتقلص عدد أولئك الباعة إلى النصف، لأن الإقبال على أطعمتهم يتراجع عما هو عليه في رمضان، ويكون عدد الباعة في القرى وفي الأحياء الشعبية في المدن أكثر مما هو في الأحياء الحديثة، وذلك لما تتسم به القرى والأحياء الشعبية من البساطة أكثر من الأحياء الحديثة، التي تطغى عليها مظاهر التمدن، التي تكتسح الكثير من العادات القديمة والأصيلة.