يوسف الحربي

أسبوع انقضى منذ أن هلّ علينا الشهر الكريم بكل تفاصيله، التي حملتنا إلى ذواتنا وأرواحنا وعبادتنا وانشغالنا بها بدرجة أولى، وفي نفس الوقت انصرافنا إلى البحث عن المحتوى الثقافي بغزارته التي تعوّدنا عليها، خاصة مع كل ما فيها من دراما ومنوعات وبرامج حوارية.

ولعل أبرز ما لاحظناه هذا العام هو السكون والفراغ والغياب العام لعمق المحتوى الهادف القادر على الجمع بين الإفادة والترفيه ليقع المتلقي بين مطرقة البرامج المبنية على ضيوف مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي وسندان المسلسلات السطحية، التي بدورها تعاني فراغ النص ومنطقية الأحداث وغياب الإقناع، فهي إما تبالغ في سرد الواقع ولا تتحرى أحداثه بشكل فني متكامل يجمع السيناريو والحوار والأداء والملابس وغيرها حتى تتناسب مع عمق الفكرة والقضية أو تبالغ في الابتعاد عن الواقع إلى عوالم خيالية لا تشبه المتلقي في شيء.

ولعل الجدل حول الأعمال الدرامية قد يحتاج إلى متابعة أكثر واستمرار وصبر لتكوين رأي مرن ومطلع وربما يحتاج منا طاقة تحمّل قادرة على أن تهوّن شغف المتلقي في انتظار أعمال تليق بمرحلة ما بعد الكورونا، التي كانت سببا علّق عليه أغلب الممثلين والمخرجين والكتّاب فراغهم بحجّة الظروف الصحية غير المناسبة لذلك وحتى لا نظلم أي عمل نحتاج إلى التريّث قبل الحُكم.

وتبقى البرامج الحوارية أكثر ما لفت الانتباه، خاصة أنها باتت قائمة على استضافة المشاهير ومَن سموا أنفسهم مؤثرين بمحتواهم، الذي يغلب عليه التهريج السطحي والحوار غير المقنع والتفاعل المتدني وافتعال المواقف، خاصة أن التركيز عليهم استطاع أن يخلق هوّة وفراغا لا يمكن تجاوزه؛ لأن اقتحامهم البيوت عن طريق الإعلام فرض محتوى فارغا وحضورا متصنّعا نحن في غنى عنه؛ لأنه دخيل على ثقافتنا وهويتنا، فلذلك حضورهم في المادة الإعلامية قد يشكّل كارثة على مستوى الذائقة والحضور والعمق والثقافة والجديّة.

إن الإعلام المرئي هو المرآة، التي تعكس كل هويتنا وتوازننا الثقافي والفني وقدرتنا على التواصل المقنع مع كل الأجيال لذلك وجب خلق التناسق وعدم تضخيم هؤلاء وجعلهم أيقونات ونماذج مؤثّرة، فمن أجل تقديم برامج نحتاج دوما لمحتوى عميق قادر على بث رسائل البناء والإصلاح والمواكبة بعيدا عن الظواهر السطحية.

@yousifalharbi