ماجد السحيمي

مع حلول شهر رمضان المبارك من كل عام تمتلئ الأخبار وبالذات الفنية منها عما يُعد من محتويات مختلفة، ورغم أنني من أضعف المتابعين لكل ما يطرح لعدة أسباب من ضمنها ضعف الجودة وركاكة الأداء في جلها، ناهيكم عن الانحدار في الذوق والاختيار والقصص المتكررة والمشاهد التافهة والشخصيات الضعيفة في السنوات العشر الأخيرة على الأقل. كثير من أهل الفن يعزون ذلك للميزانيات المالية الضخمة، التي تفتقدها أكثر الأعمال، وحتى لو اعتبرنا هذا السبب صحيحا وضربنا أمثلة نقشت إبداعها على جدران التاريخ، فإن هناك مقومات بديهية للنجاح والجودة لا تتطلب مالا، للأسف ليس عندنا فقط، بل بمجمل الأعمال العربية يفشل 99 % من الممثلين بإظهار حقيقة تمثيلهم، وأقصد هنا أن الممثل يجب أن يمثل الحقيقة وليس أن يمثل التمثيل، كل مَن يقوم بدور يجلعه أقرب ما يكون للحقيقة، فهو أقرب للنجاح، كيف تستطيع الإيحاء بل وإقناع المتلقي أن ما تقوم به حقيقي. للأسف هذا لم يحصل منذ فترة طويلة جدا فمثلا تعابير الوجه المبالغ بها والعبارات المكررة فضلا عن مواقف العنف والبكاء التي لا تخلو أي حلقة منها. في ظني أن الممثل الناجح هو الذي لا يمثل, كيف ؟ أي أنك لا تستطيع أن تفرق بين مشهد له وبين مقابلة معه فتجد الأداء طبيعيا وليس مصطنعا يجعلك تركز في العيوب وتنسى المضمون, من شاهد فلم الرسالة والذي سيكمل على مضيه ما يقارب أربعة عقود يعرف ما معنى الجودة, دعونا من الميزانيات والكفاءات, أتحدث عن ما امتكله الممثلون من إتقان لأدوارهم, لغة صحية ومخارج حروف دقيقة ولغة جسد مبهرة وأداء جبار ومؤثرات صوتية بالغة الجمال. كيف إستطاع المسلسل الأسطوري «درب الزلق» أن يلتصق بذاكرتنا ولانمل من مشاهدته عشرات المرات بل والتذكير بعباراته كـ (ودوني بحر.. أبي بحر ) بتخفيف الراء, وكذلك (سيدي القاضي) و (شجر يمشي وحبال تطير) في مسلسل الأقدار. كل ذلك ارتكز على جودة واتقان الأداء والبعد عن المحتويات والذوق الهابط والأداء الركيك والسقطات الواضحة. «تشارلي تشابلن» وشاربه الصغير و«مستر بين» أضحكا العالم بأسره دون أن ينطقا بكلمة واحدة, وعندنا ممثلون ينطقون ويبكون ويصفعون ويزيدوننا خيبة وخسارة. شخصيا لا أحب التعميم ولا أرضى بالإقصاء ولكن الساحة الفنية تفتقد للكثير الكثير بل وتهبط بحدة متسارعة واذا استمرت ستلامس الصفر وقد تتجاوزه, وإن كنت لديكم من الصادقين فقبل أن أنهي هذا السطر الأخير من مقالي قررت قراءة تعريف الممثل من موقع (ويكيبيديا) فكان كما يلي: (الممثل هو الشخص الذي يعيش حالة شخصية من خلال نص درامي أو تراجيديا أو كوميدي بكل أحاسيسه ومكوناته، ويعبّر عنها متقمصاً جميع أساسياتها وتفاصيلها ليصل إلى المشاهد، سواء كان ذلك في مسرحية أو فيلماً سينمائياً أو مسلسلاً تلفزيونياً، أو مسلسلاً إذاعياً. على الممثل أن يتمتع بالجاذبية الطبيعية حتى يصدقه الناس، كما يجب أن يستطيع تقمص الشخصيات على اختلافها.) هنا ابتسمت وحاولت أن أطبق التعريف على ساحتنا الفنية فكان جوابي الذي خطر ببالكم الآن.

وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل أودعكم قائلا (النيّات الطيبة لا تـخسر أبداً) في أمان الله.

@Majid_alsuhaimi