أروى المزاحم

لطالما أثارت كلمة الخط الساخن التي يتبعها رقم الهاتف في أعوام طفولتي الفضول فيني لمعرفة معناها الحقيقي.. حين كنت أقرأها كنت أشعر بالرهبة لأنني بحدود فكري الصغير كنت أظن بأن من سيطلب هذا الرقم سيكون هاتفه خلال هذه المكالمة شديد الحرارة وما إلى ذلك.. بينما اتضح لي فيما بعد أن معنى الخط الساخن هو ناقل المعلومات بين نقطة وأخرى بدون اتخاذ المستخدم أي إجراء إضافي حين يكون جهاز المستقبل مشغولا كما يمكن أن يطلق على الخط الساخن أيضا اسم الإشارة التلقائية، أو خدمة الخط المشغول..

كلمة إنسان والتي اشتقت من الأنس بمعنى أن الإنسان يستأنس بمن حوله ويتعايش معهم وهذا يعني أن الإنسان اجتماعي بطبعه ولكن هل يمكن تعميم هذا المعنى على جميع الناس؟!

كلمة كشخة بالعامية وهي الكلمة التي يعبر بها أغلب الناس عن شياكة الشخص بمعنى أنها تأتي في سياق المدح والإشادة بشخص يبدو لبسه جيدا أو إن تزينت المرأة وجملت من هيئتها، بينما معنى هذه الكلمة في اللغة سيئ ولها مدلول مذموم.

الكثير من الكلمات التي اعتدنا ترديدها دون فهم معناها الحقيقي ونحن نقصد بها معنى آخر.. هذا يضعنا أمام تساؤل مهم وهو هل تنفصل اللغة عن المعنى أو عن الفكرة أم أن الجهل بالمفردات اللغوية هو من يصنع ذلك؟!

يقول الفيلسوف بريجيت بأن (أجمل الأفكار هي التي لا نستطيع التعبير عنها) أما أبو حيان التوحيدي فيذهب في رأيه بأنه (ليس في قوة اللغة أن تمتلك كل المعاني والأفكار) والدليل على ذلك أن كثيرا من الأدباء بالرغم من امتلاكهم ثروة لغوية هائلة إلا أنهم أحيانا يعانون من مشكلة إيصال أفكارهم وتبليغها والتعبير عنها..

بينما يخالفهما الرأي العالم لافيل فيقول بأن (العلاقة بين اللغة والفكر هي علاقة اتصال فهما شيء واحد لا يمكن فصله كما أنه لا توجد أفكار خارج صندوق اللغة) ذلك أن الفكر واللغة وجهان لعملة واحدة..

ونستنتج من كلا الرأيين بأنه لا يمكن اعتبار العلاقة بين الفكر واللغة بأنها علاقة انفصالية ولا اعتبارها علاقة اتصالية مطلقة ذلك أن اللغة رهينة تطور النشاط الإنساني.. بمعنى أن العلاقة بينهما هي علاقة اتحادية وتفاعلية.

ومضة:

ينبغي على الإنسان العاقل أن يفهم معنى أحرفه وكلماته التي يرددها وأن يتحقق من محتواها، كي لا يقع في دائرة المواقف المحرجة.

@al_muzahem