اليوم - الوكالات

موسكو تحذر «ناتو» من مواجهة «غير مقصودة» في القطب الشمالي

قدم الرئيس الأوكراني دعوة لنظيره الأمريكي لزيارة العاصمة كييف، في وقت أعلنت فيه روسيا عن تصفية قواتها أكثر من ألف مرتزق أجنبي خلال عمليتها العسكرية في الجارة الغربية، وأشارت إلى وجود نحو 400 أجنبي آخر محاصرين مع كتيبة «آزوف» بمصنع «آزوفستال»، آخر معقل للأوكران بـ«ماريوبول» الساحلية، فيما منحتهم مهلة لإلقاء أسلحتهم انتهت أمس الأحد، وفي حال السيطرة الكاملة فستكون أول مدينة أوكرانية كبرى تسقط منذ بدء الحرب في 24 فبراير الماضي.

وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف: إن حكومة كييف، منذ بدء العملية العسكرية الروسية، استقدمت إلى أوكرانيا إجمالا؛ 6824 مرتزقا أجنبيا من 63 دولة، وأشار إلى أن معظمهم وصلوا من بولندا (1717 شخصا)، مضيفا إن نحو 1.5 ألف آخرين قدموا من الولايات المتحدة وكندا ورومانيا.

وتابع «إن ما صل إلى 300 مرتزق وصلوا إلى أوكرانيا من كل من بريطانيا وجورجيا، بالإضافة إلى 193 آخرين جاؤوا من الأراضي السورية الخاضعة لسيطرة تركيا»، مشددا على أنهم لا يتمتعون، وفقا للقانون الإنساني الدولي، بصفة «المقاتلين»، لأنهم وصلوا إلى أوكرانيا بغية جني المال مقابل قتل السلافيين، ولذلك أفضل ما ينتظرهم هو «الملاحقة الجنائية والسجن لمدد طويلة».

ونقلت وكالة «تاس» للأنباء الأحد عن الدبلوماسي الروسي نيكولاي كورشونوف قوله: إن بلاده قلقة من الأنشطة المتزايدة لحلف شمال الأطلسي في القطب الشمالي وترى مخاطر من وقوع «حوادث غير مقصودة» في المنطقة.

أحد السكان المحليين أمام منزله المدمر ببلدة كوخاري في منطقة كييف (رويترز)


تدريبات مقررة

وفي مارس، أجرت فنلندا والسويد، وكلتاهما تفكران في الانضمام للحلف العسكري الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة، تدريبات عسكرية مشتركة مع الحلف. وكانت تلك التدريبات مقررة منذ وقت طويل لكن حرب روسيا أكسبتها مزيدا من الأهمية، وتصف موسكو أعمالها في أوكرانيا بأنها «عملية عسكرية خاصة»، بحسب الرئيس فلاديمير بوتين، بينما يقول الغرب والأوكران: «إن هذه العدائيات لا مبرر لها».

وقال كورشونوف: إن مثل تلك الأنشطة تزيد من خطر وقوع «حوادث غير مقصودة» التي من شأنها، إضافة للمخاطر الأمنية، أن تتسبب في ضرر بالغ للنظام البيئي في القطب الشمالي.

ولم يفصح عن طبيعة الحوادث التي يشير إليها.

وحذر أحد أقرب حلفاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حلف شمال الأطلسي يوم الخميس من أن انضمام السويد وفنلندا للحلف سيدفع روسيا لنشر أسلحة نووية وصواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت في جيب روسي في أوروبا.

في غضون هذا، أعطت روسيا الجنود الأوكرانيين المتحصنين في ماريوبول بجنوب شرق البلاد مهلة لإلقاء أسلحتهم والاستسلام الأحد والتي قالت موسكو: إن قواتها تسيطر عليها بالكامل تقريبا وستكون بذلك أول مدينة كبرى تسقط بالحرب المستمرة منذ نحو شهرين.

وبعد عدة ساعات من الموعد النهائي الساعة 0300 بتوقيت غرينتش، لم يكن هناك ما يشير إلى استسلام المقاتلين الأوكرانيين المتحصنين في مصانع الصلب العملاقة في آزوفستال المطلة على بحر «آزوف».

لاجئون أوكرانيون يصلون إلى بلدة سيريت الرومانية بعد فرارهم من الحرب (رويترز)


إعادة تركيز

وأعاد الجيش الروسي التركيز على منطقة دونباس في شرق البلاد مع مواصلة الضربات بعيدة المدى على مناطق أخرى من أوكرانيا بما فيها العاصمة كييف.

وقالت روسيا: «إن قواتها طهرت المنطقة الحضرية في ماريوبول، الميناء الرئيسي في دونباس»، وشهدت المدينة بعض أعنف المعارك وأسوأ معاناة للمدنيين، إذ تناثرت الجثث في الشوارع واحتمى الآلاف في ظروف مروعة تحت الأرض.

وأصبح مصنع آزوفستال، وهو واحد من أكبر مصانع التعدين في أوروبا ويوجد به العديد من المباني وأفران صهر المعادن وخطوط السكك الحديدية، ملاذا أخيرا للمقاتلين الأوكرانيين الذين تفوقهم القوات الروسية عددا.

وقالت وزارة الدفاع في بيان «تعرض القوات المسلحة الروسية على مقاتلي الكتائب القومية والمرتزقة الأجانب وقف أي أعمال قتالية وإلقاء السلاح بدءا من الساعة 6 صباحا (بتوقيت موسكو) في 17 أبريل 2022».

وذكرت أن «كل من يلقي سلاحه سينجو بحياته» مضيفة إن المدافعين يمكن أن يغادروا المصنع بحلول الساعة العاشرة صباحا بدون أسلحة أو ذخيرة.

ولم يرد أي تعليق بعد من كييف على المهلة، رغم أن الجيش الأوكراني قال: إن الضربات الجوية الروسية على ماريوبول استمرت جنبا إلى جنب مع العمليات الهجومية بالقرب من الميناء.

واتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا السبت «بمحاولة القضاء عمدا على الجميع» في ماريوبول، وقال: إن حكومته على اتصال بالمدافعين عن المدينة الساحلية، لكنه لم يتطرق إلى حديث موسكو بأن القوات الأوكرانية لم تعد موجودة في مناطق حضرية، وأكد أن قتل قواته سينهي جهود السلام.

جنديان أوكرانيان يسيران على أنقاض ناجمة عن قصف روسي في خاركيف (د ب أ)


محاصرة جنود

وقال زيلينسكي لـ«بوابة أوكرانسكا برافدا» الإخبارية: «جنودنا محاصرون والجرحى محاصرون، هناك أزمة إنسانية... ومع ذلك الرجال يدافعون عن أنفسهم».

وإذا تأكدت سيطرة روسيا على المدينة الساحلية، فستكون أول مدينة أوكرانية كبرى تسقط منذ بدء الحرب وستشكل مكسبا استراتيجيا لموسكو إذ تربط الأراضي التي تسيطر عليها في دونباس بشبه جزيرة القرم التي ضمتها في 2014.

وتصف روسيا تحركها في أوكرانيا بأنه «عملية عسكرية خاصة» تهدف إلى نزع سلاح البلاد وتطهيرها ممن تعتبرهم قوميين خطرين مدعومين من حلف شمال الأطلسي الذي له أغراض توسعية.

ويتهم الغرب وكييف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشن اعتداء غير مبرر.

وقالت روسيا: إن أوكرانيا خسرت أكثر من أربعة آلاف جندي في ماريوبول حتى السبت، وتقول كييف: إن ما يتراوح بين 2500 و3000 جندي قتلوا حتى الآن في الحرب في البلاد بأكملها، ولم يتسن التأكد من الأرقام الصادرة عن الجانبين.

ولم يعرف كم عدد الجنود الذين كانوا في مصنع الصلب، وأظهرت صور بالأقمار الصناعية ألسنة لهب ودخان يتصاعد من المنطقة التي تنتشر فيها الأنفاق.

وقال بيترو اندريوشينكو وهو مساعد لرئيس بلدية ماريوبول: إن الروس يعطون تصاريح لمئات من المدنيين للسماح لهم بالتحرك في الأجزاء الوسطى من المدينة.

وعلى الرغم من الوضع اليائس في ماريوبول، قالت أوكرانيا: إنها تمكنت حتى الآن من صد القوات الروسية في باقي مناطق دونباس ودونيتسك ولوجانسك.

وقالت الشرطة الأوكرانية في دونيتسك أمس الأحد: إن القوات الروسية فتحت نيران الدبابات وقاذفات الصواريخ والمدفعية الثقيلة على 13 مستوطنة خاضعة للسيطرة الأوكرانية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، مما أسفر عن مقتل مدنيين اثنين.

أوكرانية في زابوريزجيا تتحدث هاتفيا مع زوجها الموجود بالخطوط الأمامية للحرب (رويترز)


ضرب المراكز

وفي مناطق أخرى في أوكرانيا، كانت هناك تقارير أمس الأحد عن ضربات روسية متفرقة حول المراكز الرئيسية.

وذكرت وسائل إعلام محلية أن انفجارا وقع في العاصمة كييف لكن نائب رئيس بلدية العاصمة، ميكولا بوفوروزنيك، قال: إن أنظمة الدفاع الجوي أحبطت هجمات روسية، وقال رئيس بلدية بروفاري القريبة من كييف: إن هجوما صاروخيا ألحق أضرارا بالبنية التحتية.

وقالت روسيا: إنها دمرت مصنعا للذخيرة قرب العاصمة وفقا لما نقلته وكالة الإعلام الروسية.

وقال حاكم المنطقة أوليه سينهوبوف: إن القصف المدفعي الروسي على أحياء متعددة في خاركيف، ثاني أكبر مدن أوكرانيا، أدى إلى إصابة 31 شخصا بينهم أربعة أطفال.

وأبدلت روسيا خططها بعد أن قاوم الجيش الأوكراني التقدم البري في الشمال خلال المراحل الأولى من الحرب، وأظهر الجيش الأوكراني مرونة أكبر ونشر صواريخ مضادة للدبابات حصل عليها من الدول الغربية وتصدى بها لقوافل مدرعة روسية كانت تتحرك ببطء على الطرق الموحلة.

وقال أوليه أوستينكو المستشار الاقتصادي لزيلينسكي: إن أوكرانيا، التي تضرر اقتصادها بشدة من الحرب، طلبت من مجموعة الدول السبع الغنية تقديم 50 مليار دولار من الدعم المالي.

وشكلت العقوبات الغربية ضغطا على الاقتصاد الروسي لكنها لم تفلح في عزل بوتين.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لصحيفة «بيلد أم زونتج» الألمانية: إن العقوبات الإضافية التي سيفرضها الاتحاد الأوروبي قريبا على روسيا ستستهدف بنوكا، من بينها سبير بنك الحكومي، إضافة إلى النفط.