هند الأحمد تكتب:

‬ ‬ مع استمرار نمو سكان العالم، والتغيُّرات المناخية والسياسية منها والجيوسياسية، ستكون هناك حاجة ماسَّة إلى بذل المزيد من الجهد والابتكار من أجل زيادة الإنتاج الزراعي بشكل مستدام، وتحسين سلسلة التوريد العالمية، وتقليل فقدان الأغذية وهدرها، والعمل عالميًا في سبيل تحقيق هذا الهدف، وقد شهدنا سابقًا ما طرأ على أسواق السلع العالمية، والاضطرابات الواسعة منذ بدء غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير الماضي، وكيف وصلت أسعار الحبوب والمعادن والنفط لمستويات قياسية. وحظْر الولايات المتحدة واردات الطاقة الروسية بما يشمل النفط والغاز، لتعزز حملة ضغوط على موسكو ردًا على غزو أوكرانيا، وما صاحب ذلك من حظر عدة دول، منها أوكرانيا تصدير القمح والشوفان والسكر وغيرها من المواد الغذائية الأساسية لضمان قدرتها على توفير الطعام للمواطنين خلال الحرب مع روسيا. وفي ظل كافة هذه الظروف العالمية، استطاعت المملكة العربية السعودية تجاوز العقبات التي تقف عثرة في طريق تحقيق الأمن الغذائي، عبر إستراتيجيات وخطط مكتملة تجمع بين الاستزراع في الخارج، وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في الإنتاج النباتي والحيواني، وزيادة الاهتمام بالصناعات الغذائية حتى أصبحت الشركات السعودية أحد اللاعبين الكبار في أسواق الشرق الأوسط حاليًا. والمملكة سبقت الكل فيما يتعلق بمسألة الأمن الغذائي، فبدأت منذ السبعينيات الميلادية بزراعة القمح وميكنة المزارعين، وتعزيز ودعم الإنتاج الزراعي، وهي تستهدف أن تكون ضمن أكثر 20 دولة حول العالم في الأمن الغذائي، فكيف يمكن لدولة صحراوية في المقام الأول، ويقطنها 35 مليون نسمة ألا تعاني نقصًا في الغذاء؟!

مَن يتتبَّع لغة الأرقام يجد أن المملكة تتمتع بأكبر طاقات تخزينية في الشرق الأوسط للقمح والدقيق بما يتجاوز 3.3 مليون طن بطاقة طحن يومية تتجاوز 15 ألف طن، وتملك المملكة خيارات واسعة في مصادر القمح، سواء عبر المناقصات العالمية التي يتم طرحها، والمناقصات الخاصة بالمستثمرين السعوديين بالخارج والمخصص لها 10% من مشتريات القمح سنويًا، بجانب شراء كميات محلية من المزارعين ضمن ضوابط زراعة الأعلاف الخضراء، التي تحدد مساحة الزراعة وفق حجم كل مستثمر، ووضعت المملكة 11 برنامجًا ضمن إستراتيجيتها الخماسية للأمن الغذائي. فنجد أن تجربة المملكة في مسألة الأمن الغذائي تجربة تأسر الألباب، ولكل متشائم من أزمة الأمن الغذائي، ومدى تأثيرها على ⁧‫المملكة، نقول إن إستراتيجية المملكة ماضية في سبيل تحقيق منظومة الأمن الغذائي والعمل على تعزيز القطاعات الداعمة للنظم الغذائية من خلال تطوير البُنى التحتية في قطاعات النقل، ومؤسسات البحث العلمي، والتصنيع والتسويق الزراعي، وطرح العديد من الفرص الاستثمارية؛ لتعزيز إنتاجية القطاع الزراعي، وتوفير المنتجات الغذائية المتنوعة.

HindAlahmed@