لواء. م. محمد مرعي العمري

برعاية كريمة من المملكة وباهتمامها المعهود كما هو ديدنها وقدرها في حمل هموم المواطن العربي وتلبية نداء جيرانها وكل من يلجأ إليها لطلب العون انطلاقا من مكانتها الرائدة عربيا وإسلاميا، فقد استبشر الجميع بتشكيل المجلس الرئاسي اليمني المكون من جميع فصائل القوى اليمنية وحان الوقت أن يستعيد اليمنيون وطنهم المختطف من ميليشيا الحوثي، التي تم زرعها في خاصرة الأمة العربية خدمة لأجندة فارسية حاقدة وبدعم واضح لا تخطؤه العين، وإن كان غير معلن ممن يطلق عليها الدول الكبرى.

وحيث قد سبق تشكيل هذا المجلس إعلان مبعوث الأمم المتحدة هانس جروندبيرج خطة لإيقاف الحرب في اليمن فلعل في ذلك تناغم وتوحيد للجهود للوصول إلى الحلول المؤدية لإيقاف الحرب، وإن كان لا يعول على دور فاعل للأمم المتحدة بمفردها ولا أعلم لماذا قفزت إلى ذهني رواية وردت في كتاب «لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث» للدكتور علي الوردي تحكي قصة الراعي، الذي ذبح كلبه الذي يحرس أغنامه مقابل جنيه عرضه عليه جنرال إنجليزي بل إن الراعي قد استجاب لرغبة ذلك الجنرال بسلخ جلد الكلب مقابل جنيه ثان، وجنيه ثالث مقابل تقطيع أوصاله، بل إن الراعي كان مستعدا لأكل الكلب إذا أعطي الجنيه الرابع لكن الجنرال الإنجليزي اكتفى بالمشهد، الذي حدث أمامه بعدما أدرك أن مراده قد تحقق.

والتاريخ زاخر بالشواهد الدامغة بأن القوى الاستعمارية العالمية حتما لا تطأ أقدامها وطنا بمزاعم تحقيق الديمقراطية ورخاء ونماء الأوطان وأمن الشعوب واستقرارها، فما خلفته فترة بول برايمر في العراق كمثال قريب خير شاهد لهذا التوجس وما زال العراقيون يتجرعون ويلات ونكبات ما تمخض عنه غزو بلادهم، وفي ذات السياق فإن ما يأتي بعد أي حقبة استعمار أو غزو لأي بلد لا بد قبل جلائه أن يدق إسفين النزاعات والتفرقة بين أبناء الوطن الواحد من خلال دعمه لفصيل دون الآخر تحت مبررات واهية، ويكونون بذلك قد ألقوا بذور الشر المستطير، الذي يستمر حتى بعد مغادرته.

غير أن الأمل معقود بأن يعي اليمنيون بما فيهم الحوثيون -إن هم آبوا إلى رشدهم- بأن المجلس الرئاسي اليمني ومع ما يلقاه من دعم إقليمي ودولي وزخم إعلامي أن هذه فرصة تاريخية مواتية يجب ألا يفوتوها كي يلملموا جراحهم ويدركوا أنه حان الوقت كي يعود «اليمن السعيد سعيدا» ولينعم أبناؤه بحياة كريمة واستقرار دائم ينعكس على المنطقة وبما يحقق قطع الطريق على التدخلات والإملاءات الخارجية، التي لن تترك لأبناء الوطن الواحد سوى الحسرة والتغيير الديموجرافي والدمار وفقدان الهوية اليمنية الأصيلة.

m-malamri@hotmail.com