د. شلاش الضبعان

عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير، وتقبل الله منكم صالح القول والعمل.

العيد يوم للفرح والسرور وتناسي الآلام ومواطن الحزن، وليس المقصود بعنوان المقال تحريك الجراح بالتذكير بالراحلين، فهؤلاء معروف مكانهم، وهم في سعادة وحبور بحول الله، فقد رحلوا إلى مكان خير من مكانهم، والحزن عليهم لن يعيد الماضي بقدر ما يعطّل العمل من أجل المستقبل، وأفضل ما يذكرون به دعوة واجتماع كانوا يحبونه ويسعون إليه، وعمل صالح يستمر به عملهم من خلال محبيهم.

المقصود أن هناك مَن يفقد مَن يسهمون معه في صنع الفرح والسعادة بسوء أخلاقه وتصرفاته، فمثل هؤلاء يجب عليهم أن يسعوا لإعادة العلاقات مع مَن تضرروا منهم، فليس كل مَن ابتعد عنك بسبب سوئه هو، والحياة أقصر مما تتصور، وسعادة العيد إنما هي بقرب الآخرين ومشاركتهم الفرح.

الزوج أو الزوجة والأولاد، الذين فقدناهم حسياً أو معنوياً بسبب تعاملاتنا، التي ظنناها تربية وتوجيهاً يجب أن يكون العيد فرصة لنا للسعي في إعادة ما تهدّم، والعمل على بناء علاقة جديدة سويّة لتكوين عائلة نفخر بها.

الأقارب الذين لم نحسن التعامل معهم، وظننا أنهم يحسدونا ويحاربون الناجحين، يجب أن نسعى لصلتهم في هذا العيد، والسمو بعلاقتنا معهم، وتجاوز الهنات، ومَن لم يجامل في أمور كثيرة يخسر الكثير، وما زال التغافل من فعل الكرام.

الجار الذي قاطعناه لمشكلة أطفال صغار أو لسوء تفاهم يمكن إصلاحه، يجب أن يكون العيد فرصة للعودة للصواب والقيام بالحقوق.

الزميل الذي ابتعدنا عنه لاختلاف في أسلوب العمل لا تكاد تخلو منه أي مؤسسة، يجب أن نعيد علاقتنا به في هذا العيد ونسبقه بالتواصل، فما أسرع التقاعد وبقاء الذكريات.

رسائل التهنئة في العيد والعناق والقبلات إن لم تكن صادرة من قلوب سليمة وسامية تذكرني بقصة الصياد مع العصافير، التي تحكي أن صياداً اصطاد مجموعة من العصافير في يومٍ بارد، ثم وضعها أمامه، وصار يذبحها واحداً واحداً، والباقي ينظر ويتفرج، وكانت دموع الصياد تنزل من عينيه بسبب البرد القارس والريح الشديد، فنظر عصفوران إليه وإلى دموعه، فقال أحدهما للآخر: انظر إلى الصياد المسكين، كيف يبدو حزيناً على ذبحنا، إنه يبكي شفقة علينا ورحمة بنا!

فرد العصفور الآخر: لا تنظر إلى دموع عينيه، ولكن انظر إلى فعل يديه.

ومن هذه القصة: ماذا يصنعون بتهنئتك وقبلاتك، وهم ينظرون إلى أفعالك المؤذية وأقوالك المسمومة يا صديقي؟!

@shlash2020