ترجمة - إسلام فرج

يعكس مخاوف واسعة النطاق من حاكمهم الاستعماري السابق

قالت صحيفة «ذي هيل» الأمريكية: إن جيران روسيا في الجنوب بدأوا في اتخاذ موقف ينأى عن غزوها لأوكرانيا.

وبحسب مقال لـ «سفانتي كورنيل»، مدير معهد آسيا الوسطى -القوقاز التابع لمجلس السياسة الخارجية الأمريكي، ففي 29 أبريل، أصبح إلهام علييف، رئيس أذربيجان، أول زعيم في فترة ما بعد الاتحاد السوفيتي ينأى بنفسه علانية عن الغزو الروسي لأوكرانيا.

وأشار إلى أن ذلك كان أحدث وأوضح مثال على كيفية قيام جيران روسيا الجنوبيين بالتدريج في اتخاذ موقف أكثر استقلالية بشأن الحرب الحالية.

وتابع بقوله: منذ أن غزت روسيا أوكرانيا، أوضحت معظم الدول مواقفها إلى حد ما، وأدانت الدول الغربية بالإجماع روسيا وتعهدت بتقديم دعم مالي وعسكري لأوكرانيا، وفعلت اليابان وكوريا الجنوبية الشيء نفسه، على النقيض من ذلك، ظلت الصين منعزلة، بينما أشارت إلى أنها لن تدع الحرب تضر بعلاقاتها مع موسكو.

وأردف: كانت الدول الواقعة على الحدود الجنوبية لروسيا أكثر تناقضًا، بعد تعرضهم للضغط الروسي وخوفهم من أن يكون عليهم الدور إذا نجحت روسيا في جهودها للسيطرة على أوكرانيا، بذلوا قصارى جهدهم للحفاظ على الخطاب الخافت فيما يتعلق بالحرب.

بعض الزوايا

واستطرد: لقد أدى ذلك بطبيعة الحال إلى انتقادات من بعض الزوايا، لكن من الضروري فهم مواقفهم المحفوفة بالمخاطر، حيث تفتقر هذه الدول إلى أي حماية حقيقية لأمنها، وهم يخشون ألا يأتي أحد لمساعدتهم إذا أصبحوا أهداف موسكو التالية.

وأضاف: مع ذلك، لا ينبغي اعتبار الصمت الناتج على أنه دعم لروسيا، بل على العكس تمامًا، فهو يعكس مخاوف واسعة النطاق من حاكمهم الاستعماري السابق، يمكن العثور على أدلة على المواقف الحقيقية بين جيران روسيا الجنوبيين فيما كانوا يفعلونه، وليس ما كانوا يقولون، فعلى الرغم من صلاتهم بالمؤسسات الاقتصادية والأمنية الروسية، لم يحذو أي منهم حذو بيلاروسيا في تقديم الدعم للجهود الحربية الروسية.

ومضى يقول: في الواقع، فإن الدعم الذي قدمته تلك الحكومات كان لأوكرانيا، وقد تصدرت الدول الأقوى، أوزبكستان وكازاخستان وأذربيجان، زمام المبادرة، أرسلت الدول الثلاث طائرات لنقل المساعدات الإنسانية إلى أوكرانيا، كما أرسلت أذربيجان أيضًا مساعدات إلى مولدوفا للتعامل مع تدفقات اللاجئين هناك، كما تزود أوكرانيا بالمساعدات البترولية لمنع قطاعها الزراعي من الانهيار.

ومضى يقول: في حين أن دول المنطقة لم تنضم إلى العقوبات الغربية على روسيا، فقد أوضحت جميعها أنها ستمتثل لها. علاوة على ذلك، في الأسابيع الأخيرة، بدأوا أيضًا في التعبير عن موقف أوضح بشأن الحرب.

موقف حاسم

ونبَّه الكاتب إلى أن أوزبكستان كانت أول دولة عبَّرت عن موقف حاسم، مضيفًا: في منتصف شهر مارس، أخبر وزير الخارجية الأوزبكي عبدالعزيز كاملوف برلمان البلاد أن الحكومة تدعم وحدة أراضي أوكرانيا وسوف ترفض أي فكرة بالاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوجانسك المدعومين من روسيا في شرق أوكرانيا. لكن بعد فترة وجيزة، ورد أن كاميلوف قد مرض وأنه يتلقى العلاج في الخارج، قبل نقله إلى مجلس الأمن القومي، فيما اعتبره البعض نوعًا من التوبيخ، لكن حكومة أوزبكستان لم تلغِ بيانه، مشيرة إلى أن أقوال كاميلوف لا تزال قائمة.

وتابع: احتلت كازاخستان أيضًا موقعًا مهمًا في المواقف من الحرب، في شهر يناير، اضطرت البلاد إلى دعوة منظمة معاهدة الأمن الجماعي بقيادة روسيا للمساعدة في تهدئة الاضطرابات الداخلية الخطيرة، ولكن، ما أثار استياء موسكو، أن هذه المساعدة السابقة لم تجعل كازاخستان تؤيد روسيا فيما يتعلق بالحرب، بل على العكس تمامًا، أوضح مساعد لرئيس كازاخستان أن بلاده لا تريد أن توضع في نفس السلة مع روسيا، كما صرح نائب وزير الخارجية أن البلاد تريد تجنب الوقوع وراء ستار حديدي جديد، كما أعلنت كازاخستان أنها لن تقيم الاحتفال السنوي بانتصار الاتحاد السوفيتي على ألمانيا النازية هذا العام، في إشارة واضحة إلى أنها لا تريد أن تكون مرتبطة بالعرض العسكري الذي خطَّط له بوتين لهذه المناسبة.

حفظ سلام

ومضى الكاتب يقول: اعتمدت أذربيجان، الواقعة على الجانب الآخر من بحر قزوين، على موسكو في توفير جنود حفظ سلام في أعقاب حربها مع أرمينيا عام 2020، والتي حررت فيها أراضي شاسعة احتلتها أرمينيا في التسعينيات، وبينما وقعت أذربيجان على معاهدة تعاون مع روسيا قبل أيام قليلة من غزو أوكرانيا، كانت تدعم بشكل لا لبس فيه وحدة أراضي أوكرانيا.

وتابع: بعد أن كرر دعم أذربيجان لوحدة أوكرانيا، حث الرئيس إلهام علييف في 29 أبريل نظراءه الأوكرانيين على عدم الموافقة على انتهاك وحدة أراضيهم، كما حث أوكرانيا على الاعتماد على مواردها الخاصة، وحذر من الاعتماد على قرارات المنظمات الدولية، التي لا قيمة لها.

وأردف: ربما كان من الطبيعي أن تكون أذربيجان أول مَن أعربت عن موقفها النقدي، من الواضح أن تجربتها المؤلمة من الاحتلال والتطهير العرقي دفعت البلاد إلى الوقوف إلى جانب أوكرانيا.

وأضاف: الأهم من ذلك حقيقة أن أذربيجان هي الدولة الإقليمية الوحيدة التي تتمتع ببعض الحماية الأمنية، بعد أن وقعت معاهدة دفاع مشترك مع تركيا حليفة الناتو في يونيو الماضي.

وأشار الكاتب إلى أن هذه الدول ظلت حذرة لأسباب مفهومة، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، حيث باتت غير متأكدة إلى أي مدى يمكنها الاعتماد على أمريكا.

وأردف: لكن من الواضح أنهم منزعجون من العدوان الروسي، ويبحثون عن طرق لحماية أنفسهم ضد ذلك في المستقبل.