د. محمد حامد الغامدي

n أتجنب الدخول في متاهات التفكير، الذي يقوم عليه مشروع إعادة تأهيل المدرجات الزراعية في مناطق الجنوب الغربي. يتجاهل تغذية وتنمية المياه الجوفية لصالح التوسع في زراعة أشجار الفواكه. وصل الأمر حد توفير المياه بالصهاريج لزراعات ليس لها أي جدوى اقتصادية. يزرعونها في غياب المياه الجوفية، التي تحتاج إليها كزراعة مستدامة. هل يعني هذا تعارض الأهداف بجانب تضارب المصالح؟

n زراعة الاندفاع العشوائي لم تتوقف. تقوم على استنزاف المياه الجوفية بشكل جائر دون قيود. وقد بدأت السلسلة بحلقة التوسع في زراعة القمح ثم انحسر. وجاء الشعير كحلقة ثانية، توسع ثم انحسر. ثم كانت زراعة الأعلاف الحلقة الثالثة الأعظم شرا على المياه الجوفية، ثم تقلصت. ثم الحلقة الرابعة وهي الاندفاع المستمر في زراعة النخل. وصلنا الحلقة الخامسة -الحالية- بالتوسع في زراعة أشجار الفاكهة.

n انتقل -أيضا- منهج الاندفاع الزراعي من مناطق الصخور الرسوبية إلى مناطق الدرع العربي، بمشروع إعادة تأهيل المدرجات الزراعية بزراعة أشجار الفواكه. أليس معظم أصحابها من المتقاعدين بهدف غير مستدام؟ أين المزارع الشاب، الذي يمتهن الزراعة كمهنة؟

n المشروع لم تدخل في حساباته المدرجات الأخرى المهجورة أو المتهدمة، وهي الأكثر عددا. كان الأهم للمستقبل أن يكون المشروع مائيا بحتا. وذلك بالتركيز على حماية المدرجات من الانجراف والتهدم، وتأهيلها لصيد قطرات المطر، كهدف وحيد لصالح الأجيال القادمة.

n هل تعيد الوزارة بهذا المشروع التاريخ الزراعي العشوائي المندفع، في ظل هبوط مناسيب المياه الجوفية المستمر؟ حتى مياه الأمطار أصبحت تشكل خطرا على تربة جبال مناطق المشروع. تجرفها إلى الضياع الأبدي. كانت هذه المدرجات -تاريخيا- تستخدم كهدف ثانوي لزراعات موسمية تحافظ على المياه الجوفية، على رأسها القمح.

n أدعو لإيقاف زراعة أشجار الفواكه، التي يتبناها هذا المشروع. أن يركز على تغذية المياه الجوفية في مناطق الجنوب الغربي، بالتوسع في بناء مدرجات جديدة، وصيانة وحماية المدرجات التاريخية التراثية، مع حماية التربة من الزوال بسبب جرفها بفعل مياه الأمطار السائبة، التي تشكل خطرا على مستقبل هذه المناطق زراعيا ومائيا. أمطارها أصبحت أحد عوامل تصحرها.

n إيقاف حفر الآبار الأنبوبية في مناطق نشاط هذا المشروع. هذه الآبار تحمل المحاذير، وتعمل لتسرب المياه الجوفية من مستواها الطبيعي على عمق لا يزيد على (50) مترا -في بعض المواقع أقل من هذا بكثير- إلى عمق يزيد على (150) مترا، وهو طول الآبار الأنبوبية، التي يحفرها هذا المشروع، وبالتالي ضياعها في بطن الأرض.

n المؤشرات تثبت بأننا في شعب واهتمامنا بالمياه الجوفية في شعب آخر. هذا يعمق القلق. لا يوجد أي مشروع لتغذيتها. تحول هذا المشروع الوحيد في مناطقنا المطيرة إلى أداة لاستنزاف ما تبقى من المياه الجوفية. أكرر.. مشروع مهتم بالتوسع في زراعة أشجار الفاكهة على حساب المياه الجوفية.

n المضحك المبكي أنه تمت الاستعانة بشركة أمريكية في مشروع إعادة تأهيل المدرجات الزراعية. وهنا أسأل الوزارة وخبراءها ومسؤوليها، أن يدلوني على ولاية واحدة أمريكية بها مدرجات زراعية. فهل فاقد الشيء يعطيه؟ لماذا؟ هل هي عقدة الأجنبي؟

n التوسع الزراعي الحكيم مطلب وطني وفق قواعد لعبة الماء المستدام. المياه الجوفية ضحية الزراعة وتوسعاتها العشوائية. التقارير العالمية تؤكد أن المملكة تقع في دائرة خطر شح المياه وفقرها. نصيب الفرد السعودي من المياه يتناقص بشكل سريع، حتى وصل إلى (600) متر مكعب سنويا وهو تحت خط الفقر العالمي البالغ (1000) متر مكعب. هناك دراسات تؤكد أن الاستنزاف من المياه الجوفية يفوق التعويض بعشر مرات.

n في غياب الماء تتصحر البيئة وتضيع الحياة. إلى أين نحن ماضون بأجيالنا القادمة مع مشاريع تجفيف المياه الجوفية؟ ويستمر الحديث بعنوان آخر.

twitter@DrAlghamdiMH