وليد الأحمد

لم تبدأ الاتهامات ضد منصات التواصل الاجتماعي بالتضليل الإعلامي وازدواجية معايير وحدود التعبير مع تعليق حسابات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب دون إذن قضائي، ولن تتوقف مع استحواذ رجل أعمال واحد اسمه إلون ماسك على شركة تويتر.

وسائل إعلام أمريكية فسرت تزايد الجدل حول الصفقة؛ لأن الصحافيين والسياسيين يعتمدون على المنصة لمشاركة أفكارهم وبناء صورة ذهنية لأسمائهم كعلامات تجارية، وعلى رغم أن تويتر لا يصل إلى 10 % من حجم فيسبوك إلا أن أرباحه كانت دائما مغرية وتجسد أحد أكثر الأفكار ذكاء في وادي السيليكون.

مجلة «التايمز» الأمريكية على لسان الكاتب المناهض للتأثير السلبي لمنصات الإعلام الجديد روجر ماكنامي أثارت ثلاث نقاط جوهرية ينبغي التنبه لها عند الحديث على منصات التواصل الاجتماعي ليست مرتبطة بصفقة إلون ماسك. وهي أولاً أن منصات الإنترنت تقوض الديموقراطية في أمريكا منذ عام 2016 على الأقل في إشارة إلى ما صاحب فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية ومزاعم تدخل روسي رقمي للتأثير على مسار أصوات الانتخابات. وثانيها، أن السياسيين فشلوا في أداء واجبهم المتمثل في فرض المساءلة وإصلاح منصات الإنترنت تنظيمياً وتشريعياً. أخيرًا تأثيرها السلبي على الصحافة، التي تبنت منذ سنوات نموذج منصات الإنترنت الخاصة بـ«المشاركة» Engagement ما جعل الصحافة كصناعة متهمة بالتواطؤ جزئيًا في هذا المشهد.

وعلى رغم أن ماسك تعهد بإعادة مساحة تعبير حرة إلى تويتر وتقليل الإشراف على المحتوى، لكن لا يبدو كافيا لتبديد الشكوى بأن المنصات الاجتماعية الرقمية تتبع قواعد غامضة وتفرض بشكل غير متسق، فضلاً عن مشكلة أعمق تتعلق بنموذج الأعمال لتويتر وفيسبوك وإنستجرام ويوتيوب وتيك توك، وهي الاعتماد على خوارزميات لتضخيم المحتوى، الذي يزيد من تفاعل المستخدم لأغراض تجارية، دون اعتبار لما يسببه من زيادة خطاب الكراهية والمعلومات المضللة ونظريات المؤامرة. لذا يرى ماكنامي أن تضخيم المحتوى الضار من أجل الربح له عواقب وخيمة على الصحة العامة وتزايد التطهير العرقي في ميانمار والإرهاب في نيوزيلندا والولايات المتحدة، وتصاعدت حالات التنمر والانتحار بين المراهقين، وهي حقائق لم يتحرك معها صانع القرار بأمريكا لفرض إصلاحات تنظيمية، بل إن استحواذ ملياردير واحد على وسيلة إعلام بهذا التأثير سيضاعف الضرر وسط تراجع دور الصحافة.

@woahmed1