هند الأحمد

بتعبير أكثر دقة، نجد أن الدولة الريعية اختيار سياسي أكثر من كونه اقتصاديا، فقد تبدأ الدولة الريعية في التشكل من دون قصد أو تخطيط، وتحت وطأة التدفق غير المتوقع للريع وعدم اكتراث لمخاطر الاعتماد المفرط عليه، والدولة الريعية هي مصطلح في العلوم السياسية والعلاقات الدولية يشير إلى الدولة، التي تستمد كل أو جزء كبير من إيراداتها الوطنية عن طريق تأجير الموارد المحلية لعملاء خارجيين. واستخدم مصطلح الدولة الريعية منذ القرن العشرين للإشارة إلى الدول الغنية بالموارد الطبيعية مثل النفط والغاز، ولكنه يمكن أن يشمل دولا غنية بالأدوات المالية مثل العملة الاحتياطية، والدول التي تعتمد على الموارد الإستراتيجية، مثل القواعد العسكرية. ووفقا للقراءات التي تناولت نموذج الدولة الريعية، فإن الدولة تصاب بما يطلق عليه «لعنة الموارد»، خاصة الدول المنتجة للنفط، فتساهم إيرادات النفط في تحقيق طفرة من النمو لدى هذه الدول، من دون أن تصاحبها تنمية اقتصادية واجتماعية حقيقية وبدون إصلاحات مؤسسية ومن ثم يكون اقتصادها معتمدا كليا على سعر النفط وحينها تقتضي عدم مساهمة المواطن في إنتاج الموارد أن تكون مشاركته معدومة أيضا في وطنه، تقول «تيري لين كارل» في كتابها «مفارقة الوفرة» إن النفط غالبا ما يتحول إلى نقمة بدلا من أن يكون نعمة. إذا تم تجنب أو تأجيل الإصلاحات البنيوية المطلوبة.

ما حدث في المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأخيرة الماضية ينسف نظرية الدولة الريعية، وذلك في فهم تغير المجتمعات وتنميتها، فيظل وجود قيادة مستنيرة استطاعت أن تأخذ المجتمع إلى تحولات ضخمة ومزدهرة بتدرج شمله التطور المستقر، ودولة تسعى لتحقيق رؤيتها ومحاربة الفساد المالي والإداري بجميع أشكاله، الذي يعتبر من آفات الدول الريعية، وكذلك سعت المملكة وقيادتها الحكيمة على تشجيع القطاع الخاص وتأدية دوره في التنمية وخصخصة بعض القطاعات، وتمويل خطط تركز على السياحة والاستثمار في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وإتاحة فرص ريادة الأعمال ودعم بيئة الأعمال وتحسين سبل المعيشة، إضافة إلى طرح الشركات، التي تملكها في أسواق الأسهم كأرامكو وشركات صندوق الاستثمارات العامة.

من جميع ما سبق نجد أن المملكة ضمن خططها تسعى لتخفيف الاعتماد على النفط، والخروج من دائرة الدول الريعية لتحقيق نمو مستدام يتراجع معه الاعتماد على ريع النفط.

HindAlahmed@