الكل يعرف أن الطّلاق هو من أبغض الحلال إلى الله سبحانه وتعالى، وهو يعتبر من أحد الوسائل الأخيرة، التي يلجأ إليها الزّوجان بعد إجراء كل المحاولات، التي من شأنها إصلاح ذات الحال بينهما، وتقويض هذه الفجوة لعل تعود المياه إلى مجاريها الطبيعية، قد تفرح المرأة إذا حصلت على الطلاق، وكذلك الرجل، لحصول كل شخص على حقوقه في عملية الانفصال، إذا تعذرت طرق الإصلاح، لكن في الآونة الأخيرة أفرزت لنا وسائل التواصل الاجتماعي ظاهرة وثقافة سلوكية سلبية وهي الاحتفال بالطلاق، لم تكن أصلاً موجودة في مجتمعنا السعودي ولا المجتمع العربي، فهي دخيلة على هذه المجتمعات المحافظة على المعايير الاجتماعية الجميلة، لكن قد يكون اختارها ونفذها أناس يبحثون عن الشهرة ولفت الانتباه، لأنهم أصلاً ناقصون وغير مكتملي النمو المجتمعي والإنساني، أغلب مَن يقوم بهذا السلوك الإناث اللاتي قد عانين من حياتهن الزوجية ويعتبرن بمثل هذا العمل أنه يعد انتصارا لهن، وهن لا يعرفن أن هذا عمل سيئ يدون في صحيفة أعمالهن عندما تقلدن كل أنثى انفصلت عن زوجها، وقد يشجع ذلك على الانفصال عند النساء، حدثني أحد المحامين بأن الخلع والطلاق بدأ يلوح كثيراً في الأفق وتأتينا قضايا طلاق أسبابها تافهة، ونحاول في البداية كثيراً لتغيير المرأة عن توجهها ونذكرها بنتائج الطلاق السيئة على الأبناء، ونحاول أن نساعدها في العودة لزوجها بالكلام الطيب والنصيحة الهادفة، وإن كان لا مناص من ذلك نستكمل الإجراءات، أذكر قصة لشخص حدثني بها زوجها اشتكت عليه زوجته في المحكمة الشرعية طالبة الخلع لأسباب بأنه لا يسافر بها ولا يذهب بها إلى المطاعم، يقول: عندما ذهبت للقاضي بررت له الموقف وأنني لم أقصر في شيء مما قالت، لكن والحديث للزوج بأنها تريد شيئا فوق طاقتي الاقتصادية، فحدث الطلاق والسبب في ذلك التقليد لما تتابع هذه المرأة عبر وسائل التواصل الاجتماعي للمشاهير من الرجال والنساء أو مَن يقمن بتصوير حياتهن اليومية، التي ليس بالضرورة تعبر عن حياتهن الحقيقية، والله لو أدركت هذه المرأة أن أكثر من سبعين بالمائة من المساجين وحسب ما سمعته في برنامج إذاعي من أبناء المطلقات لما فعلت وطلبت الخلع، وأكد أحد الأخصائيين الاجتماعيين أن أكثر الناس اهتماماً وهوساً بالشهرة؛ هم أصحاب الشخصيات السيكوباتية ضد الاجتماعية والشخصية الهستيرية، الذين بعد تشخيصهم اتضحوا أنهم يعانون من الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، ومن هذا المنطلق فإن التباهي بالطلاق والاحتفال وبثه عبر قنوات التواصل الاجتماعي له جانبان مهمان الأول هو الإيحاء بالسعادة، رغم مرارة الألم خوفاً من وصمة الآخرين، والثاني هو الشعور بالسعادة الفعلية، وهذا شعور سلبي لا يتوافق مع المبادئ والقيم الإنسانية، بل يتنافى مع كل الأعراف الاجتماعية، في الحالة لابد من رفع التدابير الإصلاحية والوقائية من خلال البرامج المتخصصة وإقامة الدورات والندوات والمحاضرات واستنكار مثل هذه الأنماط السلوكية السلبية، التي تحدث وتنافي ديننا الحديث، فالطلاق أبغض الحلال، فإن كان لابد منه يكون هذا الانفصال بأدب واحترام وإحسان.
@alnems4411
@alnems4411