سعاد الغامدي

ما أن تفوح رائحة الهيل وتعم المكان حتى تدرك أنك نزلت ضيفا عزيزا في بيت سعودي أصيل احتلت القهوة مكانة خاصة في المجتمع السعودي تعتبر أهم عناصر الضيافة السعودية ولا تخلو أي مناسبة منها لارتباطها بالعادات وعبق الماضي. وتخليدا لمكانتها الثقافية عام 2015 أدرجت منظمة اليونسكو القهوة العربية ضمن القائمة الممثلة للتراث الثقافي غير المادي.

وبناء على أهمية القهوة وشأنها في المجتمع وقّعت السعودية اتفاقية لإنشاء أول مدينة لزراعة البن داخل سعوديتنا، وستتم زراعة 300 ألف شتلة بن عربي في عقد استثمار لمدة 15عاما بقرية معشوقة في منطقة الباحة وتهدف السعودية بذلك الوصول للاكتفاء الذاتي وتشجيع الاستثمار الزراعي الوطني.

فيها الخروج عن حيز النظرة الأحادية لتفاصيل الحياة هي تقليد أو طقوس للتعبير عن كم هائل من زوايا الحياة والانفتاح على المشهد الثقافي السعودي ممثلة بذلك نظرية التفاعلية الرمزية، التي تكون إطارا مرجعيا لفهم كيفية تفاعل الأفراد مع بعضهم بشكل أفضل ولخلق عوالم رمزية وكيفية تشكيل هذه العوالم بدورها السلوكيات الفردية.

هي رمز الضيافة والاجتماع، وأنيسة الأيام الخوالي ورفيقة أطراف الحديث ومسكنة لوجع الرأس، لا نلجأ لها إن أردنا مزيدا من التركيز والإفاقة.

وكما قال الشاعر خلف بن هذال:

‏صبولي الكيف وارهولي من الدله

البن الأشقر يداوي الرأس فنجاله

وجاء في الأساطير أن أحد رعاة الغنم من بلاد الحبشة عندما أكلت أغنامه قسطا كبيرا من حبوب القهوة أخذت في حالة انتباه مستمرة، بالإضافة إلى عدم استقرار هذه الأغنام طيلة الليل، ولم يغمض لها جفن، فأخذ حباتها وزرعها فوق جبال اليمن، فأخذها الناس وشربوا منها في كل وقت وكان ذلك في القرن الخامس عشر، ومنها انتقلت إلى الحجاز وبلاد مصر.

هناك العديد من المسميات، التي ترتبط بعدد مرات شرب القهوة، والتي لها معان اجتماعية ورموز، الفنجان الأول يطلق عليه (الهيف) ويشربه المضيف أولا قبل الضيف دليل الطمأنينة والأمان للضيف، والفنجان الثاني (فنجان الضيف) ويعبر عن المعزة والإكرام من المضيف للضيف، أما الفنجان الثالث فيسمى (فنجان الكيف)، الذي يستمتع الضيف فيه بطعم القهوة ونكهتها، والفنجان الرابع (فنجان السيف)، الذي توحي دلالته أن الضيف سيؤازر المضيف ويقف معه في حال الحاجة وطلب العون. وتحتل القهوة السعودية المكانة الأولى أهمية بين المشروبات لضيافة الأعياد والمناسبات إلى جانب التمر والحلويات التقليدية.

يقول أنتوني غيدنز (إن القهوة ليست مجرد شراب منعش أو منبه، فهي جزء من أنشطتنا الاجتماعية اليومية، فهي علامة فارقة في روتين السلوك الشخصي، وأن كثيرا من الناس يعتقدون أن القهوة تخفف عنهم عناء العمل الطويل والمرهق) كانت وما زالت القهوة من أساسيات الروتين للعائلة السعودية وعلى إيقاع الفناجين، التي تتنقل بين الأيدي يجتمع أفراد الأسرة يتبادلون الأحاديث والأخبار، فأصبح للقهوة رمز الضبط للوقت خلال اليوم لتناولها والسلوكيات المعينة، التي تصحبها كتجهيز مكان شربها وتحضير التمر وقوالب الكيك والحلوى، فتكسر بذلك حدة التعب وتنقل الأسرة لأجواء من المتعة وتعديل المزاج.

@Coach_Soaad