معتصم باكراع

يوم تلو الآخر تنمو التجربة الإنسانية في كل شخص حينما تولد طفلاً بين أحضان أمك، هناك قصة لا تدركها، بكاؤك قد لا تميزه ولكنها قصة جميلة أنجبتها أم حملت في أحشائها جنيناً حتى المخاض ثم ماذا؟

تكبر وتذهب إلى المرحلة الابتدائية تستشعر زقزقة العصافير لاستيقاظك المبكر وانضباط الطابور وتلك المرحلة التي لا تنسى من الذاكرة مهما تعاقبت السنين يظل مكنونها يختزل أروقة مناعة الذاكرة، وهناك مقولة رائعة تقول: (أتمنى أن تطول أيام دراستي لفترة أطول قليلاً، أو أن أتمكن من العودة والقيام بذلك لاحقًا في بقية حياتي) كارا ديليفين.

تقص شريط مشوارك الدراسي من المعلم، الذي يلقنك أول دروس الحياة قد تعجبك المدرسة وقد لا تعجبك. إن أعجبتك فتلك قصة تعيش أحداثها وإذا لم تعجبك فتلك قصة أخرى، وبعد المراحل الدراسية الأولى إلى المرحلة المتوسطة تتوسط في طفولتك بين اللحظات، التي كنت تظن أنك طفلاً لتودع مرحلة كانت بالنسبة لك قصة.

وبعد إكمالها تلتفت إلى المتوسطة وتقول لقد كانت مرحلة وانقضت، وكأنك نهم في حساب خطواتك تريد أن تذهب إلى القصة الأخرى، التي ظننت بأنك في مرحلة الثانوية كبيراً بما يكفي لتعبر عن إرهاصات الطفولة ومتوسطاتها حتى تتفاجأ بأنك مراهق وتتمنى الخلاص من تلك المرحلة بإثبات أنك تمتلك رصيدا في خطوات أكبر من التدرجات المكررة في الحضور والانصراف المسبوق بجرس الطابور والفسحة والمغادرة وبالطبع الجرس المعتاد بين الحصص.

تنتقل إلى المرحلة الجامعية ويكتنفك الخلاص من كل تلك المراحل السابقة فتظن أنك تتهيأ للمعترك الوظيفي، ولكنك على مقاعد الجامعة تدرس النظريات والفرضيات وبعد دخولك الحياة المهنية تكتشف بأنها كانت قصة سريعة في تفاصيلها، يبقى المحك في هذه المقولة لهنري فورد (الشهادات الجامعية للرجل لا تعني لي شيئًا حتى أرى ما يمكنه فعله بها)، وإنما مكتسبات العلم هي حقول التطبيق.

وتبدأ الحياة الحقيقية والتحديات في المعترك الوظيفي لترسم ملامح قصة نجاح أو فشل لتكمل المسير أو تقبع خلف التبريرات الزائفة وتحميل الناس أخطاءك وتعثراتك، عموماً إنهما قصتان متباينتان وشتان ما بين الثرى والثريا، حيث يقال: (يأتي النجاح لأولئك الذين يركزون على هدفهم لدرجة أنهم غافلون عن الإخفاقات) ديباسيش.

لن أذهب إلى بقية القصص في تسلسلها؛ لأن أحداثها تختلف من شخص إلى آخر ولا أريد أن أصور قصة نجاح أو فشل من الورق، فلكل شخص قصه يعيش مقتضى حالها، ولكن هي دعوة للتفكر في شذرات النفس ما هي القصة، التي تود أن تكون؟ وما أحداث قصتك؟

هل ما زلت تتذكر الطفولة، المراهقة، الشباب، هل تستمتع بتجاوز الأربعين؟، هل أنت في الخمسين أو الستين وما فوق وما زلت تعيش أحداثها بأريحية المسافة، التي انقضت وأنت لا تشعر بدقائقها؟، كن كما أنت ليس المهم القصة بقدر الشخص، التي خلفته وراء ركام العمر، وكما يقال: (إن القصص كالقطارات المتحركة، لا يهم من أين تركبها، لأنك ستصل إلى غايتك آجلاً أم عاجلاً)، وما نحن إلا قصص تمشي على الأرض.

حساب تويتر: @BakraaMoutasem