سعد الحامد

لقد استدركت دول مجلس التعاون الخليجي حجم الأخطار المحدقة باليمن والمنطقة جراء سيطرة الميليشيات الحوثية على مؤسسات الدولة اليمنية واستكمال المبادرات التي قدمتها دول الخليج وكذلك المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرار 2216 والتي تعتبر مرتكزا أماميا منذ بداية أزمة اليمن والاحتجاجات التي حدثت في اليمن في عهد الرئيس اليمني السابق على عبدالله صالح لما لاستمرار هذه الحرب من نتائج سلبية جسيمة عكستها معاناة اليمنيين في ظل صلف وتعنت الحوثي ورغبته في استمرار تخريب اليمن وتضييع استقراره دون النظر إلى أي اعتبارات إنسانية أو عقلانية، وقد لمس المجتمع الدولي بأكمله ذلك من خلال ما تم تقديمه من مبادرات ومفاوضات ودعوات سواء إقليمية أو أمميه لتعطي مؤشرات أكثر مصداقية منذ عام 2015 ومرورا بجنيف 1 وجنيف 2 وسويسرا والكويت وعمان وستوكهولم وأخيرا هدنة كورونا عام 2020 وبما لا يدع مجالا للشك في السلوك المبطن لتلك الميليشيا العدائي والمبني على دعم وتمويل خارجي لا يريد خيرا لليمن وشعبه، ورغم ذلك وحرصا من المملكة ودول الخليج استمرت جهود دول مجلس التعاون وفق إطار يتسق مع الجهود الدولية الأممية المبذولة لإيجاد حلول سلمية قد تنجح في جمع الفرقاء اليمنيين أيضا وتضمن السلام الدائم والشامل لهذا البلد لتأتي دعوة مجلس التعاون لإجراء مفاوضات يمنية لجميع القوى السياسية من أبناء اليمن بمن فيهم الحوثيون ووضع إطار ممنهج ومنطلقات واعدة يمكن البناء عليها للوصول للتوافقات المنشودة وتوافق الرؤى وترتيب البيت اليمني من الداخل وتقريب وجهات النظر بين أبناء اليمن وتوحيد الصف اليمني والتغلب على أي تباينات قد نجح الحوثيون في السنوات الماضية في استغلالها لتحقيق أهدافهم التخريبية، وقد نجح أبناء اليمن في وضع أفكار ومقترحات توافقية ووضع خارطة طريق يتم التوافق عليها لاستعادة مؤسسات الدولة ومعالجة المشاكل الأمنية والاقتصادية والسياسية والعسكرية وكذلك الإرهاب والتنمية المستدامة وإعادة إعمار اليمن ونواحي الدعم الممكنة لليمن والنواحي الإغاثية وايصالها لأبناء هذا الشعب واستكشاف المشكلات ووضع حلول مقترحة لها بكل شفافية وموضوعية وبأيد يمنية وبرعاية دولية من الأمم المتحدة وتذليل كافة الصعوبات من قبل دول مجلس التعاون وتقديم الدعم اللازم لإنجاح المفاوضات وتأسيس مجلس قيادي رئاسي يدير الدولة سياسيا وعسكريا وأمنيا وفق الدستور اليمني ويتولى التفاوض مع الحوثيين بشأن وقف إطلاق النار بشكل دائم في كافة أنحاء اليمن للوصول إلى حالة سلام دائم وبالتالي استكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية وكون المجلس مرتبطا بالفترة الانتقالية والحلول السياسية الشاملة وتحديد المرحلة الانتقالية ومتطلباتها أو عند إجراء انتخابات دستورية جديدة وتنصيب رئيس جمهورية جديد، ولعل استمرار الهدنة بموافقة جميع الأطراف جانب إيجابي وكذلك جهود فتح جزئي لمطار صنعاء المغلق منذ 2016 ودخول 18سفينة نفطية للحديدة للوقود وإمكانية إيصال المساعدات الإنسانية لليمن وبوادر تبادل للسجناء المحتجزين مع الحوثيين برغم الخروقات المستمرة من قبل الحوثيين للهدنة وتصريحات الحوثيين التي اعتبرت أن تفويض الرئيس هادي صلاحياته لمجلس قيادة رئاسي خطوة تدفع نحو التصعيد، ومن اللافت للانتباه وصول أعضاء المجلس الرئاسي لممارسة مهام عملهم من داخل اليمن وهو مؤشر إيجابي يعكس رغبة هذا الشعب في أن يحدد مصيره ضد التدخل الفارسي في أراضيه، وبرغم كل ذلك فإن منطق الواقعية الدولية المستجدة يفرض على الحوثيين ومن خلفهم التوقف والاستجابة للمناشدات والجهود الدولية فمنطق الفوضى لن يجلب إلا الدمار لهذا البلد فهل ستنجح تلك الفرصة الأخيرة لكي يعود اليمن سعيدا.

@SaadAlH59134802