لواء. م. محمد مرعي العمري

* لا غرو أن ينتاب المرءَ شعورٌ بالزهو والفخر ويجد لذَّةً ونشوةً لا يعدلهما ما يماثلهما عندما يستلُّ بتلقائيةٍ وبلا سابق تفكيرٍ قلمه ويستدعي مخزونه الثقافي واللغوي ليكتب عن مشاعر الابتهاج بما يتحقق لوطنه من إنجازٍ.

* وتنساب العبارات والمفردات الجزلة عندما يتكئ في صياغة تلك المشاعر على إنجازات علميّة غير مسبوقةٍ تجعل العالم يقف لها إجلالاً، والأجمل أن تتحقق تلك الإنجازات في كبريات مراكز الأبحاث العالمية القائمة في الدول المتقدمة، وفي ذات الوقت للإسهام في إلجام الأصوات النشازٍ من ذوي الممارساتٍ الهابطة بعدما سقط مريدوها في الوحل بحثاً عمَّا يعدُّونه شهرةً وزيادة متابعين في وسائل التواصل بينما هي شهرةٌ زائفةً تحمل الإساءة لأنفسهم ولعوائلهم ولوطنهم ولست بصدد التوسع للخوض في هذا الأمر إنما عنيت إبراز الفرق بين مَن يحققون المراكز المتقدمة في الأبحاث النافعة للعالم، وبين مَن جعلن من أجسادهن ومفاتنهن أسلوباً رخيصاً للجذب الممقوت المنافي للدين والأخلاق.*

* نعم.... تشرئب أعناقنا وقد احتفلنا وازددنا فخراً بما حصده أبناؤنا وبناتنا الأسبوع الفائت من بين ممثلي 85 دولةً بتحقيقهم اثنين وعشرين 22 جائزةً لمراكز متقدمةً في المعرض الدولي للعلوم والهندسة (آيسف 2022) منها خمس عشرة 15 جائزةً كبرى و6 ست جوائز خاصة يتقدمهم الطالب عبدالله الغامدي، الذي حقق المركز الأول على مستوى العالم في مشروعه البحثي النوعي (هندسة إطارٍ معدني عضويٍ ثنائي الوظيفة)، ثم ما حققته الطالبة دانة العيثان لتحقيقها هي الأخرى المركز الأول عالمياً في مجال الكيمياء عن بحثها: (إنتاج الهيدروجين بشكلٍ انتقائي من حمض الفورميك باستخدام محفِّزٍ خاصٍ لتوليد الطاقة)، ثم تلاهما باقي هذه الكوكبة المتألقة ممَّا لا يتسع المجال للتطرق إليهم جميعاً وإن كانوا يستحقون جميعهم بلا استثناء، ولكن كما تقول العرب «يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق».*

* ولا شك أن ما تحقق يقف وراءه عدة جهاتٍ يأتي في مقدمتها الأسر الكريمة لعلماء المستقبل من الجنسين، فالأسرة هي البيئة الأولى التي رعت ولاحظت منذ البداية هذه البذور المباركة، ثم يأتي دور المدارس ومعلميها المخلصين، ثم متابعة وعناية مؤسسة الملك عبدالعزيز لرعاية الموهوبين (موهبة)، وكذلك وزارة التعليم، فالجميع مشكورون مأجورون على ما بذلوه من اهتمامٍ لتنمية ومتابعة هذه النماذج المشرِّفة، ويتوِّج ذلك كله اهتمام الدولة -أيَّدها الله- وما تبذله في مجالات التعليم والبحوث العلمية لرفعة شأن هذا الوطن الغالي مواكبة وتحقيقاً لأهداف الرؤية المظفَّرة، التي تم إقرارها في هذا العهد الزاهر، وبدأنا نجني ثمارها قبل أن تكتمل فصولها، فشكراً لله أولاً ثم لممثلي الوطن في هذا المحفل العالمي، ولكل مَن وقف ودعم، والقادم أجمل بإذن الله.