ترجمة: إسلام فرج

تحالف بحري يرافق سفن شحن الحبوب أمر يستحق المجازفة

أكدت مجلة «بوليتيكو» ضرورة إنهاء الحصار الروسي على البحر الأسود من أجل الملايين حول العالم الذين هم بحاجة إلى الحبوب الأوكرانية.

وبحسب مقال لـ «إيفو دالدر»، السفير الأمريكي السابق لدى حلف شمال الأطلنطي «ناتو»، كانت حرب روسيا على أوكرانيا كارثة عسكرية.

وتابع: لقد فشلت قوات روسيا في احتلال كييف وخاركيف، أكبر مدينتين في أوكرانيا، وكان التقدم في دونباس بطيئًا، وجاء بتكاليف غير عادية.

وأردف: لكن هذه الإخفاقات لا ينبغي أن تحجب حقيقة أن القوات الروسية قد حققت أيضًا مكاسب إستراتيجية مهمة، ليس أقلها قطع وصول أوكرانيا إلى البحر الأسود.

وأضاف: بينما فشلت روسيا في الشمال، احتلت بسرعة مساحات شاسعة من جنوب أوكرانيا، وأمنّت جزءًا كبيرًا من الساحل على طول بحر آزوف، وأنشأت الجسر البري الذي طال انتظاره بين روسيا وشبه جزيرة القرم.

وأردف: الهدف النهائي لموسكو هو بسط السيطرة الإقليمية الروسية على طول الساحل الشمالي للبحر الأسود بأكمله، وتحويل أوكرانيا إلى دولة غير ساحلية.

إغراق «موسكوفا»

ومضى يقول: أوكرانيا عازمة على منع حدوث ذلك، لقد قاتلت القوات الروسية غرب خيرسون، وشنت هجمات صاروخية على السفن الروسية، وكان أكثرها إثارة من خلال إغراق سفينة القيادة الروسية «موسكوفا» تصل صواريخ جديدة وأكثر تقدمًا مضادة للسفن يومًا بعد يوم؛ مما يجبر السفن الحربية الروسية على التوغل في البحر، ولكن حتى إذا فشلت موسكو في نهاية المطاف في تأمين السيطرة الإقليمية على شمال البحر الأسود، فلن تتمكن أوكرانيا من كسر الحظر الروسي على الشحن داخل وخارج البلاد.

واستطرد: عواقب الحصار وخيمة، ليس فقط على أوكرانيا، ولكن لمئات الملايين من الناس الذين يعتمدون على الحبوب الأوكرانية من أجل البقاء.

وأضاف: 98% من هذه الصادرات تغادر أوكرانيا عن طريق البحر، الآن، في الصوامع ومواقع التخزين الأخرى في أوكرانيا ما مجموعه حوالي 25 مليون طن متري من الذرة والقمح التي - وفقًا لمجلة «الإيكونوميست» - تعادل الاستهلاك السنوي لأقل البلدان نموًا في العالم مجتمعة.

وأردف: الجهود المبذولة لشحن القمح والحبوب الأخرى إلى موانئ أخرى على البحر الأسود وبحر البلطيق عن طريق البر والسكك الحديدية غير ناجحة حتى الآن، ليس هناك نقص في الشاحنات والوقود فحسب، ولكن مقاييس السكك الحديدية الأوكرانية والأوروبية مختلفة، مما يتطلب عبورًا مرهقًا للبضائع.

وأشار إلى أن الحصار الروسي يساهم في حدوث أزمة غذاء عالمية ذات أبعاد كارثية محتملة.

ونقل عن ديفيد بيزلي، رئيس برنامج الغذاء العالمي، قوله لمجلس الأمن الدولي مؤخرًا: إن الفشل في فتح تلك الموانئ في منطقة أوديسا سيكون إعلانًا للحرب على الأمن الغذائي العالمي، هذا لا يتعلق فقط بأوكرانيا، إنه يتعلق بأفقر الفقراء في جميع أنحاء العالم الذين هم على شفا المجاعة بينما نتحدث الآن.

تقدم دبلوماسي

وتابع الكاتب إيفو دالدر، والسفير الأمريكي السابق قائلا: حتى الآن، لم تحرز الدبلوماسية في الأمم المتحدة أي تقدم، وتلقي روسيا باللوم على العقوبات الغربية في أزمة الغذاء العالمية وتلقي باللوم على أوكرانيا في منع الشحن، اقتراحها بالسماح بشحن الحبوب مقابل رفع كل العقوبات ليس جدياً، في غضون ذلك، ينفد الوقت، حيث لن يكون هناك مكان لتخزين محصول الحبوب الجديد.

وأضاف: مع ذلك، ليست هذه هي المرة الأولى التي تعطل فيها الحرب سلعة عالمية مهمة، خلال «حرب الناقلات» في الثمانينيات من القرن الماضي، منعت إيران صادرات النفط العراقي، وردت الولايات المتحدة ودول أخرى بمرافقة الناقلات لاستعادة تدفق النفط.

وأكد الكاتب على وجود حاجة الآن إلى جهد مماثل لكسر الحصار الروسي، مضيفًا: ستكون هذه مهمة إنسانية بشكل صارم، تهدف فقط إلى ضمان مرور آمن لسفن الشحن المليئة بالحبوب من أوكرانيا، عبر البحر الأسود.

وأوضح أن السفن البحرية المرافقة لسفن الشحن يجب أن تكون في شكل تحالف، ويفضل أن تشمل الدول المستوردة للحبوب مثل مصر، بما يمكن لكاسحات الألغام أن تمهد مسارًا آمنًا للسفن.

وتابع: على الرغم من أن الفكرة واضحة من الناحية النظرية، إلا أن مهمة الحراسة البحرية هذه ستحتاج إلى التغلب على عقبتين هما روسيا وتركيا.

وأردف: على روسيا أن تتعاون، سواء بشكل صريح أو ضمني، إذا كان ذلك صريحًا، فستوافق موسكو على السماح بالشحنات، ربما بعد أن يتحقق المفتشون الدوليون من أن الصادرات الغذائية تغادر أوكرانيا دون أن تكون هناك إعادة شحن لأي أسلحة.

الموافقة الروسية

ويستطرد السفير الأمريكي السابق لدى حلف شمال الأطلنطي «ناتو» بمقاله على «بوليتيكو»: في حين أن الموافقة الروسية هي الأفضل، إلا أنها ليست ضرورية تمامًا، تمر طرق الشحن عبر المياه الدولية والأوكرانية، مما لا يمنح روسيا أي حق في منع سفن الشحن أو مرافقيها، وأي محاولة للقيام بذلك، ستتطلب من موسكو اتخاذ الخطوة الأولى، مخاطرة بمواجهة عسكرية مع دول غير متورطة بشكل مباشر في الحرب.

وأردف: لمثل هذه المهمة، سيتعيَّن على تركيا أيضًا الموافقة على السماح للسفن البحرية من الدول غير المطلة على البحر الأسود بالإبحار عبر المضائق التركية.

وأضاف: حظرت أنقرة المرور على جميع السفن البحرية في أواخر فبراير، ولها الحق في القيام بذلك بموجب اتفاقية «مونترو» لعام 1936، ولكن فقط عندما تشعر بخطر الحرب الوشيك، خلافًا لذلك، فإن السفن الوحيدة التي يجب تقييدها هي سفن الأطراف المتحاربة روسيا وأوكرانيا، لذلك، ينبغي على أنقرة السماح للمرافقين البحريين للأغراض الإنسانية بدخول البحر الأسود والخروج منه.

وأكد الكاتب على أن الصراع العسكري عُرضة للحوادث وسوء التقدير، فضلًا عن التصعيد غير المقصود.

وأوضح أن هذا هو أحد الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى إلى رسم خط صارم بين مساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها والمشاركة الفعلية، ولهذا رفضوا الدعوات إلى منطقة حظر جوي، الأمر الذي كان يخاطر بصدامات مباشرة مع القوات الروسية.

واختتم بقوله: تحمل فكرة وجود سفن بحرية مرافقة لسفن الشحن أيضًا مخاطر المواجهة، لكن بالنظر إلى الحاجة الإنسانية الهائلة، فإن المخاطر تستحق المجازفة.