د. لمياء البراهيم

الارتباط الأسري من العوامل المهمة في استقرار المجتمع ولأن الأسرة هي النواة في المجتمع الحيوي فقد خصصت الأمم المتحدة الأول من شهر يونيو يوما عالميا تقديرا للوالدين.

كرمت الديانات السماوية الوالدين، وفضلهما ومكانتهما عظيمة في الإسلام، قال تعالى في كتابه الكريم «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما».

بدأت الأمم المتحدة بالتركيز والاهتمام على القضايا المتعلقة بالأسرة منذ ثمانينيات القرن الماضي، ففي عام 1983، وبناء على توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي، طلبت لجنة التنمية الاجتماعية في قرارها بشأن «دور الأسرة في تعزيز التنمية» (1983/23) من الأمين العام العمل على تعزيز الوعي بين صانعي القرار والجمهور بمشاكل واحتياجات الأسر، وكذلك الطرق الفعالة لتلبية تلك الاحتياجات، وفي العام 2012، أعلنت الجمعية العامة أن 1 حزيران/يونيو من كل عام، سيكون يوما عالميا للوالدين، والذي يحتفل به سنويا في جميع أنحاء العالم.

فالتأثير الأسري ينعكس على شخصية الطفل سلبا وإيجابا، وفي ظل ارتفاع نسبة الطلاق أو الانفصال بين الزوجين فإنه من الضرورة التأكيد على أهمية هذا اليوم للتذكير بالالتزام بالمسؤولية تجاه الأبناء بحال إنجابهم وعدم تعريضهم لمغبات المشاكل الأسرية.

وحيث إن الأساس الأسري يبنى على الوالدين والذي يحمل دورهما التزامات وتضحيات مدى الحياة لتعزيز العلاقة بينهما أو مع أبنائهما حتى تسير مركبة الحياة، وتشكل الأزمات المحيطة بالوالدين تحديا كبيرا للمرور من عنق الزجاجة، من ذلك الأزمات المالية والصحية والاجتماعية وغيرها من المشاكل التي قد تعصف بالأسرة بحال لم يدرك الوالدان أهمية التفاهم والحوار والمشاركة والتعاون حتى يعبروا هذه المرحلة بسلام.

وقد كانت جائحة كورونا من التحديات التي واجهت الوالدين في حماية أطفالهم من العدوى، ورعاية الأطفال بالتعليم عن بعد ومن ثم العودة للدراسة رغم استمرار الجائحة، وبتزايد الضغط على الوالدين مع تداعيات الأزمة ومن ذلك العودة للحياة الطبيعية مع الاستمرار بالاحترازات فإن ذلك يتطلب الالتفات للضغوط التي يتعرض لها الوالدان في 2022 من تحمل المسؤولية كاملة في الأسرة النووية مقارنة بالأسر الممتدة، وكذلك زيادة الطلب على الخدمات بسبب الوعي وزيادة عدد السكان.

حرصت الرؤية على إصلاحات شاملة تشمل تحقيق السعادة للموظفين وتحسين بيئة العمل، والضغوط المهنية تعد عقبة في التوافق بين الطموح المهني والارتباطات الأسرية خصوصا للأم العاملة، وعلى أن هناك إصلاحات شاملة تعنى بالأسرة إلا أن صحة المرأة بحاجة إلى التركيز على صحة المرأة العاملة والأم العاملة تحديدا للاختلافات البيولوجية والضغوط الأسرية والالتزامات في رعاية عائلتها.

وكذلك انخفاض عدد المواليد سيؤثر بشكل عام على النمو السكاني ما يحتم وجود برامج تدعم الوالدين العاملين وتتيح لهم فرصا إنسانية يقدرون فيها ويمنحون وقتا خاصا لأنفسهم ومساحة من الخصوصية بدون إشعارهم بالذنب وخصوصا للأم العاملة فكيف لو كانت أما لطفل من ذوي الإعاقة أو أما وحيدة.

وكما نحمل الأسرة مسؤولية حماية الأبناء من الأذى ولكن أيضا لا بد من الالتزام بدعم الوالدين بالمشورة والدعم لمواصلة مسؤولياتهم حتى نعزز من الارتباط الأسري وتنشئة أجيال صالحة ونتفادى فيها مغبات الإهمال والإساءة للأطفال.

@DrLalibrahim