راكان العيادة

لطالما ارتبطت الصورة النمطية لمدينة الجبيل الصناعية بالصناعات الأساسية والتحويلية وشركات البتروكيماويات وقدرتها على جذب الاستثمارات في هذا المجال. ولكن وعلى مدى عشرة أيام مضت، استمتعنا بعرس ثقافي طالما انتظرنا إقامته في المنطقة الشرقية ألا وهو «معرض الجبيل الأول للكتاب» والذي شارك فيه أكثر من 55 دار نشر وجهة من المملكة والخليج، وحظي برعاية كريمة من سمو نائب أمير المنطقة الشرقية الأمير أحمد بن فهد بن سلمان الذي طالما عهدنا من سموه الدعم الدائم للثقافة والمعرفة.

بتنظيمها لمعرض الجبيل الأول للكتاب، أثبتت الهيئة الملكية للجبيل قدرتها على صناعة الثقافة أيضا من خلال إقامة مثل هذه الفعاليات والتي تخللتها ورش عمل وجلسات وحوارات، وشاركت فيها جهات وشخصيات متخصصة في الثقافة والأدب والفنون، وفرق تطوعية مبدعة كلها تساهم في رقي الفكر ونشر ثقافة القراءة والاطلاع في المدينة والمنطقة.

من الأشياء الجميلة التي لفتت نظري ونظر كثير ممن زار المعرض من مدينة الجبيل ومن خارجها، حرص الهيئة الملكية على تسليط الضوء على الطاقات الشبابية والمبادرات الثقافية من داخل الجبيل بشكل خاص ومن المنطقة الشرقية بشكل عام، كمبادرة «اقرأ من مكتبتي» التي أطلقتها أختان من الجبيل لمشاركة الزوار مكتبة بيتهما، وساعدتا في توجيه العديد من الزوار لدور النشر التي يجدون فيها كتبهم المنشودة.

ومن زيارتي للمعرض عدة مرات، لفت نظري تفاني جميع أفراد فرق العمل، وكأن الواحد منهم هو المسؤول الأول عن المعرض وعن نجاحه، فالكل يبتسم، والكل يساعد، والكل يبادر، ويشعرونك أنت أيضا وكأنك جزء منهم، وهذا انسجام جميل يشكرون عليه ويعكس بيئة العمل الصحية التي ينتمون لها.

وكذلك لفت نظري اهتمام القائمين على المعرض بكل التفاصيل من الباصات التي تنقل الزوار من المواقف إلى المعرض، ومن تنظيم رجال الأمن للسير والحركة خارج وداخل المعرض، ومن تجهيز منصات توقيع الكتب، وأعجبتني جدا تلك الاقتباسات الصوتية الجميلة لبعض الكتب والتي تستمع لها وتستمتع بها أثناء تجولك بين جنبات المعرض.

معرض الجبيل الأول للكتاب والذي نجح في جذب أكثر من 50 ألف زائر ونال استحسان الكثيرين، فتح آفاقا أوسع للمضي قدما في استقطاب العديد من الفعاليات الثقافية والأدبية في مدينة الصناعة والمعرفة، ليست المحلية فقط بل حتى العالمية، فالمدينة وفرق العمل فيها على قدر عال من الجاهزية والكفاءة والاحترافية لاستضافتها والتميز في تنظيمها.

وهذا النجاح يجعلنا نطرح سؤالا، لماذا لا يكون هناك موقع أكبر للمعارض والفعاليات مثل «معارض الرياض» أو «الظهران اكسبو» في مدينة الجبيل الصناعية ليعطي لها فرصة لاستضافة معارض وفعاليات أكبر في مجالات متعددة؟

@RAKAN_ALEYADAH