د. نورة الهديب

كنت أتأمل في معنى الصلاح ومفاهيمه المتعددة، وفي مستوى تأثيره على النفس البشرية، وكيفية تقويمه لسلوك الإنسان سواء كان السلوك فكريا أو أخلاقيا أو معرفيا وغيره. وفي نفس الوقت، كنت أبحث في علاقة الإنسان بأرضه واستنتجت بأن معادلة الأخذ والعطاء بين الإنسان ووطنه تنتج عنها ثقافة خاصة تميز المواطن وتكسبه أهم القيم المعرفية والعلمية ليعمر من خلالها أرضه، التي يعيش عليها. ومن هذا المنطلق، فإن لخير الوطن بركة تثمر وتستدام -بإذن الله- إذا اجتهد المواطن في إصلاح حاله ومجتمعه ووطنه.

والمواطن الشريف يدرك أن لوطنه عليه حق وصلاح الحال وإصلاح الأحوال يجلب الخير والأمان له ولمحيطه. وما هذا إلا تفسير لفضل السعي في إصلاح النفس وابتغاء الخير للغير، الذي يجسده كل مواطن ساهم في دفع عجلة التنمية في وطنه. وذلك من خلال المبادرات الإصلاحية والتنموية، التي تتمثل بإنشاء المرافق العلمية والمعرفية لزيادة الفرص وتأهيل مَن يرغب للمشاركة في معادلة العطاء بين الوطن والمواطن. ومن الذكاء أن يكون هؤلاء على دراية بنوع ومستوى الاحتياج الفردي والاجتماعي والوطني، لأن في درايتهم تميزا لعطائهم، بإذن الله.

وعلى سبيل المثال، فإن بعض المبادرات التطوعية سواء كانت اجتماعية أو صحية أو تربوية وغيرها، تنتهي بالاعتماد الرسمي من المنظومة المعنية، وذلك لكفاءة وجودة مخرجاتها، التي أضافت للمواطن والوطن كل ما هو نافع ومبتكر. وفي مثل هذه الأمثلة نجد أن صلاح النية ماهو إلا طريق تنبت فيه البركة، وما ثمارها إلا التوفيق بفضل الله. شخصيا، أعتقد بأنه ومن الواجب علينا أن نأخذ بعين الاعتبار تلك العلاقة التربوية بين صلاح الحال وبركة العطاء.

لأن في مثل هذه العلاقات دروسا وعبرا ومحتويات معنوية ومادية، تعين الإنسان على النهوض بنفسه ووطنه. وتجسيد هذه العلاقة بمحتوى أو بمادة تربوية وعملية ممنهجة وبطرق صحيحة، تعين من تعلمها على إعادة بعض من مفاهيم الرزق وكيفية البركة فيه بإذنه تعالى. والوطن الحر والقيادة السليمة شكل من إشكال الرزق، الذي يخص الله به تعالى مَن يشاء من عباده. وهنيئا لمَن استشعر نعم الله تعالى عليه، وعمل بها بيده أو بلسانه أو بقلبه.

وأخيرا، فإنه وبفضل من الله تعالى تمكن المواطن المؤمن والشريف من نشر الخير والمعروف على مَن كتب الله تعالى له من عبادة، لينهض بما نشره أو فعله بهمة المواطن وليحقق أهدافه الإنسانية، التي تسمو به بعد الالتزام بكل ما هو حق له أو عليه. ومن رحمة الله تعالى وكرمه، فإنه ما زال أهل الخير والعطاء يساهمون في السعي بالوطن للوصول إلى القمة عن طريق توجيه حماس المواطن لرفعة الوطن.

@FofKEDL