سالم اليامي

جمعتني الصدفة التليفزيونية مع ضيف إيراني في حوار تليفزيوني حول الدور الإيراني في المنطقة، وموقف دول الخليجي العربية من ذلك، بالإضافة إلى قضايا أخرى حول العلاقات العربية - الخليجية - الإيرانية. الجزء الصلب الذي ركز عليه الضيف من الجانب الآخر، الذي صدمني بقوله: إنه «عربي» أي أن أصوله عربية ولكنه عاش، ويعمل، ويتبنى وجهة النظر الإيرانية المعادية بالضرورة لكل التوجهات العربية، هو محاولته تصوير دول الخليج العربية بأنها دول ضعيفة عسكرياً، وليس لها موقف إستراتيجي صارم، وصلب في مواجهة القوى الإقليمية، ومن بينها القوة الإيرانية. علاوة على أن ما يسمى بالثورة الإسلامية في إيران أنتجت خلال أربعة عقود سلاحاً نووياً تستطيع أن تبز به العالم، وبالأخص جيرانها في منطقة الخليج، كما أنتجت منظومات الصواريخ الباليستية، التي تهدد أمن المنطقة، وتهدد ممرات الملاحة الدولية فيها، علاوة على إنتاج المسيرات الرخيصة الثمن، التي تحمل قنابل تستطيع التفجير على مسافات طويلة، وبعيدة. وقت برنامج الحوار التليفزيوني كان محدوداً، خاصة أن عددنا كضيوف كان ثلاثة أشخاص، بمعنى أن الوقت المتاح لكل طرف محدود جداً، خاصة لمَن يلتزم بأدب الحوار، ولا يقاطع الآخرين، ويحاول التشويش على أفكارهم أياً كانت. المهم خرجت من ذلك الحوار، وأنا أرسم في ذهني خطين متوازيين للسياسة، التي يتمكن أن يتخذها أي بلد في هذه المنظومة الدولية، إما المكر، وتبييت النوايا السيئة للغير، والبدء بالتعامل مع الدول المجاورة بعقلية (اتغدى به قبل أن يتعشى بي)، أو أن تنتهج الدولة سياسة البناء، وجلب الرخاء لشعبها، وللشعوب الأخرى، والعيش في هذا المحيط العالمي بمبدأ التعاون، والصداقة المقررة والثابتة في ديباجة ميثاق الأمم المتحدة، حيث يُحث عليه كل طرف دولي محب للسلام، والأمن الدوليين. قد يقول البعض إن إنتاج الأسلحة، والتجهيزات العسكرية أمر محمود، في بلد، وأنه يعد نوعا من التطور، والتقدم، وكسب نقاط في هذا الشأن على المستوى الدولي، وهذا صحيح عندما يحدث ذلك في بلدان الرفاه الاقتصادي، التي تحقق للناس الحريات، والحقوق، والمشاركة الحقيقة في تصميم الحياة، ثم تظهر هذه الصناعات العسكرية، هي أو غيرها كنوع من التقدم الصناعي في هذا المسار، وكرافد لميزانية تلك الدول. لا كما قامت عليه التجربة فيما يسمى بالثورة الإسلامية في إيران، حيث تعيش الشعوب المكونة للشعب الإيراني تحت حالة من الإقصاء، والتهميش المخالف لأبسط حقوق الناس، على هذا الكوكب، في الوقت الذي تعطى الأولوية فيه للعرق الفارسي، تمييزاً عن بقية الأعراق، والمجموعات البشرية، وأخطر من ذلك أن هذا المنتج العسكري يأتي على حساب قوت الناس إجمالاً في إيران، حيث يعيش كم كبير من الناس تحت مستوى خط الفقر، وسط حالة من التراجع الاقتصادي وتناقص مستويات الرفاه، والخدمات، وعن انتشار الفساد، والمخدرات، والتهريب حدث ولا حرج، بمعنى آخر نعم في إيران يمكن أن ينتجوا الأسلحة النووية والباليستية والمسيرات لكن ذلك على حساب الناس، وعلى حساب المجتمع، وتماسكه، وبقاء الدولة على الرغم أن ليست هناك دولة في إيران، بل هناك ميليشيا كبيرة تسمى الحرس الثوري تدير كل مناحي الحياة، وتضغط على قوت، وحريات ومستقبل الناس.

@salemalyami