أهوان الأسمري - الدمام

«لا نملك سوى أرض واحدة» تكشف 4 إستراتيجيات لاستدامة حاضرة الدمام

أكد مهتمون بالشأن البيئي أهمية توعية المواطنين والمقيمين بالحفاظ على البيئة، والحد من عدة سلوكيات خاطئة أبرزها استخدام البلاستيك، وقطع الأشجار، والصيد الجائر، ورمي النفايات، وهدر الماء والكهرباء، والإفراط في استخدام السيارات، ولفتوا إلى اعتزام جمعية أصدقاء البيئة إطلاق مبادرة «فرز النفايات المنزلية من المصدر»، للتحفيز على حماية البيئة عبر برنامج مكافآت وحوافز، إضافة إلى استخدام أجهزة مرتبطة بالهواتف الذكية، لتشجيع الأفراد على عمليات فرز النفايات بالمنزل.

وأشاروا خلال مشاركتهم بملتقى «لا نملك سوى أرض واحدة» الذي نظمته الجمعية، تزامنا مع اليوم العالمي للبيئة 2022، إلى إطلاق العديد من برامج الاستدامة البيئية، ومنها «جودة الهواء الداخلي، والإشراف على مطابخ المستشفيات، والرقابة على سكن العمال، ومكافحة الآفات والحشرات، وفرز النفايات الطبية، والحماية من الإشعاع».

تقليل استنزاف الموارد الطبيعية

قالت المدير التنفيذي لجمعية أصدقاء البيئة، الهنوف العامر، إن الجمعية ستطلق قريبا مبادرة «فرز النفايات المنزلية من المصدر»، التي تعنى بتشجيع المواطنين والمقيمين على فرز النفايات المنزلية من المصدر عبر برنامج مكافآت وحوافز، ما يسهم في رفع نسبة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة، وطرق التخلص الآمن من النفايات بالمجتمع، كما أنها سوف تسهم بشكل مباشر في تحقيق مستهدفات رفع نسبة تحويل النفايات للمرادم، عن طريق الاستفادة من المواد القابلة لإعادة التدوير في الصناعات الوطنية، وتقليل استنزاف الموارد الطبيعية في الصناعة، كما ستستخدم ماكينات ذكية مرتبطة مع تطبيق للهواتف الذكية، لتشجيع الأفراد على عمليات فرز النفايات من مصدرها، وهو المنزل، ومن ثم تقوم الجمعية بتجميع المواد القابلة لإعادة التدوير ونقلها إلى مصانع مرخصة ومؤهلة لإعادة تدويرها مرة أخرى، وستستقبل المبادرة جميع النفايات البلاستيكية، المعدنية، ونفايات الورق والكرتون.

إعادة المواءمة بين الإنسان والبيئة

شدد مدير إدارة التوعية بوكالة البيئة بوزارة البيئة والمياه والزراعة م. عثمان هاشم، على أهمية التوعية والحفاظ على البيئة، مبينا أن أقل التصرفات البيئية التي يمكن أن يفعلها الإنسان في حياته اليومية قد تضر ضررا كبيرا بالبيئة، كاستخدام البلاستيك، وقطع الأشجار، والصيد الجائر، ورمي النفايات، والإفراط في استهلاك الماء والكهرباء، والإفراط في استخدام السيارات، مؤكدا أهمية إعادة علاقة المواءمة بين الإنسان وبيئته، وإدراك الأفراد حجم وطبيعة المشكلات البيئية وضرورة معالجتها، ودفع الأفراد نحو التعامل مع المنتجات والتقنيات الصديقة للبيئة.

وأوضح أن الاهتمام بالأيام العالمية البيئية جاء للفت الانتباه إلى العديد من المشاكل التي تواجه بيئتنا، وكشف عن حقائق وأرقام بيئية، ومنها فقد أكثر من 4.7 مليون هكتار من الغابات سنويا، أي أكبر من مساحة الدنمارك، وصب ما يقارب 80 % من مياه الصرف الصحي في العالم في المحيطات والأنهار دون معالجة، وتجفف الأراضي الرطبة للزراعة وفقد العالم ما يقارب 87 % منها في الـ 300 عام الماضية، إضافة إلى وفاة ما يقدر بنحو 7 ملايين شخص كل عام لأسباب تتعلق بتلوث الهواء، وتحدث غالبيتها في المناطق الصناعية، كمنطقة آسيا والمحيط الهادي.

خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون

أوضح كبير مهندسي البيئة في إحدى الشركات المتخصصة بالبتروكيماويات، م. عادل الحربي، دور القطاع الخاص في ممارسة الاستدامة لتحقيق التميز البيئي، لافتا إلى تنسيق شركته مع المركز السعودي لكفاءة الطاقة بتحسين كفاءة مصنعها لإنتاج الميثانول، فيما يتعلق بكثافة استخدام الطاقة، واستخدام ثاني أكسيد الكربون كمادة وسيطة مضافة، ما ساهم في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وزادت الطاقة الإنتاجية بنسبة 35 %، دون الحاجة إلى استهلاك الغاز الطبيعي.

وأشار إلى الفرق بين الاقتصاد الخطي والاقتصاد الدائري، مبينا أن الأول تستخدم الموارد ثم تنتج وتستهلك وتخلف المخلفات، أما الاقتصاد الدائري فهو دائرة مغلقة، يتم فيه استخدام الموارد الطبيعية بشكل دائري، وهو نظام اقتصادي يهدف إلى القضاء على الهدر والاستخدام المستمر للموارد، وكذلك زيادة عمر المنتجات.

وتحدث عن إنجازات الشركة في الاقتصاد الدائري، وأولها منصة استعارة المركبات، التي تقوم على مبدأ التشاركية بين أقسام الشركة في المركبات، وتقليص عدد المركبات التي تم تصنيعها بالموارد الطبيعية لإيقاف هدر الموارد وتقليل انبعاثات الملوثات الناتجة عن تصنيع هذه الأصول، ومن مبادراتهم أيضا برنامج التوقيع الإلكتروني للتقليل من استخدام الورق الذي يؤدي إلى قطع المزيد من الأشجار، كما أطلقت الشركة في إطار مسؤوليتها الاجتماعية منصة مخصصة لتنسيق وتنفيذ أنشطة المجتمع، ومن ضمنها الأنشطة البيئية، وقد خصصت 1 % من إجمالي أرباحها السنوية الصافية لتمويل هذه الأنشطة.

برنامج لجودة الهواء وخلوه من الملوثات

أكد رئيس قسم صحة البيئة والصحة المهنية بصحة الشرقية، د. أيمن الشمراني، أن برامج صحة البيئة في المنشآت الصحية من أهم البرامج التي تسعى إلى إيجاد بيئة صحية سليمة بكل عناصرها المختلفة، مثل: جودة الماء، الهواء، الغذاء، والتعامل مع النفايات والمخلفات والصرف الصحي، وتطبيق الاشتراطات الصحية والبيئية بالمنشآت الصحية، لتعزيز الصحة العامة.

ولفت د. الشمراني، إلى برنامج جودة الهواء الداخلي الذي يهدف إلى ضمان جودة الهواء ومطابقته للمعايير المطلوبة، والتأكد من سلامته وخلوه من الملوثات والانبعاثات لضمان سلامة المراجعين، وكذلك برنامج الإشراف على مطابخ المستشفيات الذي يهدف إلى سلامة الغذاء المقدم بواسطة مطابخ المستشفيات للمرضى والزوار والموظفين، إضافة إلى برنامج الرقابة على سكن العاملين في المستشفيات لحماية الصحة والبيئة، وحماية السكان من المخاطر البيئية، وبرنامج مكافحة الآفات والحشرات للحفاظ على الصحة، وعدم انتقال المرض، لافتة إلى أنه يتم عادة رش جميع الأسطح في المستشفيات ما عدا الأسرّة والمفارش ومخازن الأطعمة، كما تطرق لبرنامج فرز النفايات الطبية، موضحا أن كل نوع من النفايات الطبية يتم تخصيص علبة معينة بلون معين له، ويتم فرزها في تلك العلب، ونقلها إلى محطة المعالجة، ثم إلى المردم. ونوه إلى برنامج الحماية من الإشعاع خلال حدوث الكوارث والانفجارات.

«الراكة».. مركز محتمل للتنمية المستقبلية

لفت باحث دكتوراة في تسويق المدن والتخطيط الحضري المستدام م. عبدالرحمن الصايل، إلى وجود 4 إستراتيجيات لاستدامة حاضرة الدمام، مبينا أن أول إستراتيجية هي «المدينة المدمجة»، ويقصد بها جعلها مكثفة داخل كتلة المدينة والصرامة في التوسع العمراني، والتأكيد على إمكانية تقييد المدينة بحيث تكون لها علاقة وارتباط بالبحر أكثر من الارتباط بالمناطق اليابسة، وتستوعب شكلها العضوي مع مياه الخليج العربي، مع دعم تطوير نظام نقل عام متكامل مع أحياء الحاضرة كافة، بشكل متواز وشامل، ووصول متنوع وعال لنقاط الجذب كافة، وتكثيف المراكز الموجودة بالدمام والخبر والقطيف، لتصبح متكاملة مع شبكة نظام النقل العام، بالإضافة إلى إمكانية أن تكون منطقة الراكة مركزا جديدا محتملا للتنمية المستقبلية.

وبيّن أن الإستراتيجية الثانية تتمثل في «المدينة المتصلة» لمعالجة تقسيم المدينة الحاصل بسبب البنية التحتية وشبكة الطرق السريعة، من خلال التأكيد على أن شبكة النقل العام هي العمود الفقري للتنمية، والاستفادة من محجوزات الأراضي كشبكة خضراء محتملة، وتطوير اتصال مباشر بين الساحل والمناطق الأخرى، مضيفا إن خبراء الأمم المتحدة أوضحوا أن حاضرة الدمام تنظر للصحراء وليس البحر، فلذلك هناك حاجة لإعادة علاقة الحاضرة مع البحر.

ولفت إلى أن الإستراتيجية الثالثة «المدينة الشاملة»، تتمثل في إيجاد الفرص والخدمات لجميع السكان، ودمج محجوزات الأراضي كجزء من المدينة لإنشاء مشاريع تطوير حضرية جديدة يسهل الوصول إليها، بما في ذلك أجزاء شبكة المساحات العامة، والاستفادة من المراكز الجديدة لإعادة تأهيل الوصول إلى المرافق العامة والفرص الاقتصادية، فيما تتمثل الإستراتيجية الرابعة في «المدينة المرنة والمستدامة»، والسياسة الأولى فيها إعادة تأهيل الساحل لاستعادة الأصول البيئية، ودعم التحرك نحو نظام عبور أقل اعتمادا على السيارات، من خلال تحفيز استخدام وسائل النقل العام، وتطوير متجمعات المياه الحالية لبناء شبكة خضراء جديدة مترابطة، والتأكيد على الأصول البيئية الحالية، والاستفادة من إمكانات المناطق الحساسة بيئيا في المستقبل.