ماجد السحيمي

سمعتُ حديثًا لأحد أطباء المخ والأعصاب متحدثًا كان عن أمراض الشيخوخة، وأنها أصبحت في مراحل مبكرة من العمر مقارنة بالسابق، وعزا ذلك لأسباب كثيرة، أهمُّها القلق والتخوف من المستقبل وما شابه ذلك، وفعلًا هذا أمر واقع وصحيح، فالكثيرون يقلقون من الرزق، وهمّ الوظيفة، وقبول الأبناء في الجامعات، وعودة المسافر والاختبارات وغيرها الكثير من الأمور الحياتية اليومية، وليست الرئيسية كالتي ذكرتها.

سبحان الخالق العظيم، العقل هو محور تحكّم الإنسان على كل أعضائه سلبًا أو إيجابًا، فإن كان مرتاحًا تحسَّنت أمور كثيرة معه. وإن كان قلقًا كذلك سبب الضعف والتوتر، وغابت الابتسامة، وزاد التوجس والخيفة. حقيقة مَن ينظر إلى الأطفال يجدهم نعمة عظيمة في كل شيء، ومن ذلك شقاوتهم، فهم أكثر خلق الله يطبِّقون مبدأ «استمتع بلحظتك»، أعلم أنهم صغار ولا يعون ما هو المستقبل، وما هو الإعداد له، ولكني أتحدث عن استمتاعهم بلحظتهم الآنية التي يعيشونها، لا يفكرون بهمٍّ ولا يكترثون بمستقبل. كيف نستفيد من الأطفال، أقول نستفيد في أننا بلحظتنا هذه التي لا نحمل بها همًّا لغيرها، فلنستمتع بها، ونسعد بها، ونترك هَمَّ الغد للغد، والمستقبل للمستقبل، فقط المطلوب منا على الأقل إن كنا من القلقين أن ندَع اللحظة الحالية تسلم من حلطمتنا وتشاؤمنا.

الغريب أن ثلاثة أرباع القلقين لديهم قلق كامن أي لا يفعلون شيئًا فقط قلق دون أي رد فعل، البعض يقلق، وبالتالي هذا القلق يكون دافعًا له للتحرك هنا أجد أن هؤلاء أقل سوءًا من الصنف الأول، المشكلة فيمن يشغله باله ولا يفعل شيئًا، فلا هو تحرك وتصرف، ولا هو سلم من القلق وارتاح.

ما أجمل عيش الأطفال وشقاوتهم في لحظاتهم، لا يهمهم سياسة ولا ارتفاع الأسعار، ولا مَن فاز بالدوري، وحتى لو أهمَّهم شيء من ذلك سرعان ما يزول بمجرد لعبة أو شيء مضحك كمقطع رسوم متحركة كرتونية، لنأخذ من الأطفال ما يمكن أخذه، وحتى لو كان مؤقتًا فلا ندري ما الأسباب التي يسخِّرها الله لنا لنسعد ونفرح. كل هذا كوم والأهم هو حسن الظن بالله، وحسن تدبيره ورحمته بعباده وخلقه أكثر من أمهاتهم، والرسول عليه الصلاة والسلام كان دائمًا متفائلًا مُحسنًا بالله الظن، ويعلم أن كل ما يحدث من أمر المؤمن خير، إما الآن أو لاحقًا، وذلك كفيل تمامًا بالراحة وانتزاع القلق الذي يدمر كل لحظاتك مهما كان جمالها وحلاوة طعمها.

الحياة مرَّة واحدة، عِشها بكل ما أوتيت من قوة، واعلم أن كل مشكلة ستنتهي، وكل أمر أحزنك مقابله أمر يسعدك، وهكذا الحياة، ولكن فكِّر فيما لديك، واسعد به، فقد حُرم منه غيرك، وكن طفلًا شقيًّا لا يشقى بلحظته.

وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل، بإذن الله أودِّعكم قائلًا: (النيّات الطيبة لا تخسر أبدًا)، في أمان الله.

@Majid_alsuhaimi