د. شلاش الضبعان

زرت مكتبة جامعة كبرى في إحدى الدول أثناء عملي على رسالتي للدكتوراة للسؤال عن بعض المراجع التي لم أجدها، فمررت بأمين المكتبة وسألته عن مكان الكتب المختصة بالمجال الذي أسأل عنه، بعد أن دلني قال: إن كنت تريد أن نساعدك في البحث فنحن جاهزون، توقعت أن مساعدته ستكون في تقديم المزيد من المراجع، فقلت: كيف؟، قال: لدينا فريق يكتب لك بحثك كاملا! عندما رأى استغرابي، استغرب هو، وقال: لست الأول!

عبر مواقع التواصل الاجتماعي لا تتوقف الإعلانات عن: خدمات أكاديمية لكافة التخصصات والمستويات، المساعدة في رسائل الماجستير والدكتوراة، المساعدة في بحوث التخرج وبحوث النشر والترقية، كتابة التقارير العلمية والتقنية المختلفة، إعداد الخطط البحثية.

يجب ألا يكون الباحث ضعيفا غير واثق بنفسه، فينساق خلف مثل هذه الإعلانات ويسلم بحثه لمن يكتبه له، فيحطم همته، ويقتل متعة البحث العلمي التي وفقه الله إليها، ويرضى لنفسه أن يعيش مع ابن ليس له بقية حياته، فالبحث هو ابن الباحث ويجب أن يحرص على أن يكون شرفا له في حاضره ومستقبل حياته، ويظل الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس.

قوة البحث العلمي أجر أخروي لصاحبه، فهو من العلم الذي ينتفع به إذا قدم ما ينفع وحضرت النية، وواجب وطني فإنما ترقى الأوطان بنتاج فكر أبنائها، ولذلك اهتمت المجتمعات الحية بالفكر والإنتاج العلمي، كما أن الدول تقيم بعدد الأبحاث العلمية التي تصدر منها، وأيضا رقي للباحث نفسه، فالبحث الذي يتعب الباحث ويسهر من أجله ينعكس على فكره، ومن ثم على شخصيته وطرحه ومنافسته عندما يتقدم لأي وظيفة، ومهما ظن الباحث المزور (بكسر الشدة وفتحها) أنه مثل على الناس وتلاعب بهم، فهو مكشوف في كل مجال يتكلم فيه ليس عند المتخصص فحسب، بل حتى عند غير المتخصصين، ولكن الناس تجامل في كثير من الأحيان، ومهما يكن عند أمرئ من خليقة (بحث مزور)، وإن خالها تخفى على الناس تعلم.

وإن لم يكن في الأبحاث العلمية المزورة إلا تشويه سمعة البحث العلمي فكفى بها خطيئة، تجني على الحاضر والمستقبل، مع أن ذلك ليس بعذر لمن ابتعد عن البحث العلمي محتجا بهذه الحجة، فأكبر محاصرة للسلبي تقديم ما ينفع الناس.

يقول المثل الأجنبي: كلما اعتلى القرد فوق الشجرة، انكشف المزيد من مؤخرته !

@shlash2020