عبدالله السحيمي

المسرحيون في بلادنا قلة يعدون على الأصابع مع تقديري واحترامي للجميع، رغم كثرة محبيه وعشاقه ومتابعيه ظهرت المحاولات عن طريق المدارس، ثم تطورت من خلال جمعيات الثقافة والفنون والفرق المسرحية ثم المسرح الجامعي في الجامعات رغم أن هناك محاولات مبكرة كانت بمثابة انطلاقة تجاه التمثيل المسرحي رغم أن الكتابة المسرحية سبقت ذلك، والقارئ لتاريخ المسرح يقف على عروض مسرحية قادمة لنا من بعض البلدان العربية أو ترجمة أو قصص وأحداث تاريخية رغم أن هناك تأصيلا تاريخيا لبعص الباحثين والدارسين ذكرت أن هناك مسرحيات عدت أنها بدايات المسرح السعودي، وأذكر أن المدارس في فترة جيلي عاشوا المسرح المدرسي بصورته البدائية، وهناك محاولات كانت موجودة اختفت وانتهت وتمت مقاومتها في فترة من الفترات، وأتذكر وأنا طالب في المرحلة الابتدائية لا أنسى الأستاذ عبدالعزير الربيع -رحمه الله- الذي يشغل مديرا للتعليم في منطقة المدينة المنورة مهتما بالمسرح، وكان المسرح يبنى ويعد بصورة بسيطة من قبل المعلمين والطلاب، وكنا ننتظر احتفالية المدرسة وعرض بعض الأنشطة من أناشيد ومسرحيات، وكان لها أثر كبير على الطلاب ومشاركة أولياء الأمور مما ينعكس على الطلاب تحفيزا وتشجيعا وإبرازا للمواهب، وهي رغم محدوديتها إلا أنها أفرزت تجربة مميزة أقلها كانت تعطي للطلاب فرصة لممارسة وإخراج مواهبهم، ولا تزال الذاكرة وذاكرة الكثير تحتفظ ببعض من تلك الصور الجميلة والرائعة.

وقد دفعني ذلك وأنا أستذكر تلك الرحلة حينما قرأت أن جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قد أقرت برنامجا لمرحلة البكالوريوس لدراسة السينما والمسرح، ولعل البعض يمتعض كونها جامعة إسلامية تتبنى دراسة هذا البرنامج أو ينتقد أو يعلق وهي في النهاية وجهات نظر تستحق الاحترام، لكننا أصبحنا بالفعل إلى ترميم وإصلاح ومعالجة وتصحيح المفاهيم.

المسرح كفن له أهله ورواده وقيمته ومكانته، وتاريخنا يحفل بصور وأحداث سطرت الكثير من المنجزات والأحداث، التي حدثت بقوالب مسرحية، إضافة إلى أننا بحاجة أن ندرس هذا الفن لنزاحم الفنون المصدرة لنا والمعبأة لأجيالنا بعد أن كنا مستقبلين لها، والبعض اشتغل على إصدار الأحكام والتشكيك بجوانب كثيرة.

والواقع الذي نعيشه يحتاج منا إلى أن نوجد البديل حينما نمنع ولا نقبل تحت الظلام كل شيء، بل يلزمنا أن ندرس هذه الفنون المتاحة والمهمة، التي يهتم فيها شريحة كبيرة من الشباب إلى فحصها وتمحيصها وإنشاء وبناء ما يخدمنا وفق ديننا وضوابط مجتمعنا وقيمنا.

إن الوقف بلغة لا أو ممنوع أو إدخال تصاريح وانتقادات لقضايا أصبحت واقعا يدفع الشباب للبحث عنها وربما يتأثر بسلوكيات ليست من دينه ولا مجتمعه ولا قيمه.

إن دراسة المسرح والسينما تحت مظلة جامعة إسلامية عرفت بثبات منهجها واعتدالها وتضم مجموعة من الأكاديميين الثقات، الذين نعول عليهم الكثير في بناء فكر الشباب ومسايرة واقعهم واهتمامهم هي خطوة متقدمة ومرحلة مهمة في البناء والتغيير والتطوير، الذي يسهم في وجود أرضية يتم السير من خلالها على الاستفادة والاستزادة من متطلبات العصر وضروراته بما يتوافق مع المصلحة العامة، ويحقق التوازن المنشود والمشهود في القدرات الوطنية في بناء منهج متكامل يساعد ويساند ويعزز ثراء العطاء والوفاء، الذي يقودنا إلى أننا نصدر مع الحفاظ ونبني مع الدعم لجيل قادم في زمن يتطلب السباق والحضور والاحتفاظ بمقدرات الوطن والمواهب والإنسان وجميعها منظومة متكاملة.

وأتطلع من جامعة الإمام وقد لا يغيب عنها أن تعمل على توثيق المسرح السعودي تاريخيا من خلال عقد ورش لقراءة المسرح وتتم المشاركة فيه من قبل المهتمين به وأصحاب التجارب المسرحية تأليفا وإخراجا وممارسة وإدارة.

إضافة إلى حصر تجربة المسرح المدرسي في وزارة المعارف سابقا والاستفادة منها من خلال الوثائق والتجارب المسرحية.

إلى غير ذلك من التطلعات المنشودة في رسم منهجية أكاديمية لمسرح تحت دراسة أكاديمية تثري الواقع وتستلهم التاريخ، وتحكي المستقبل وتساير التقدم العلمي والتقني، الذي يواكب مسيرة الإنجاز والإبداع في بلادنا.

Twitter: @Alsuhaymi37