مرام ياسين

كم لبثت في حياتك حتى تفهم بأن هناك كروتا لا بد لك أن تحرقها، تحرقها صامتا دون علم أي أحد، تواري نيرانها عن الأنظار، وتخبئ رائحتها برشة عطر أو ربما! بقي أثر حرقها في قلبك قبل يديك، ولا أعلم هل أقول سوء فعلك أم جميل صنعك ستتحدث بها أفعالك بعد فعلتك! سأحدثك عزيزي القارئ كما أحدث نفسي حتى تفهم ما أقصد وقبل أن (تثرثر يداي عليك) أعلم كثيرا بأن هناك ستنقسم إلى معنيين. هناك من سيرفع صوته علي معارضا وهناك من سيصفق لي مؤيدا! في كل الأحوال أصبح كرتي من كانوا هناك أو هناك محروقين، ومنذ مدة طويلة ولا أدرى كيف أو متى أو أين وماهية الطريقة التي اتبعتها! كان ياما كان في قديم الزمان، كانت هناك فتاة تشبهني ولم تعد تشبهني بشيء سوى اسمي والكثير مني يعود إلي منها ثم يودعني، ثم يعود ثم يودعني، حتى اعتاد جزء مني على غيابه ووداعه، وتأتي خطوتي الجريئة وأودعه دون وداع ويرحل مني دون عودة! هكذا كانت تتعامل مع جل ودق أمورها، وما زلت في أحيان كثيرة اتبع عاداتي القديمة! كنت وما زلت أحمل في جيوبي الكثير من الكروت، تحتوي على أسماء لأشخاص تحت مظلة العلاقات (قرابة، صداقة، زمالة) أو علاقات لم يسعفني الوقت لأسميها أو أنني لم أكلف نفسي عناء تسميتها، لأنها منذ بدايتها أتت ومعها خطوط النهاية واضحة وضوح الشمس فكان أقرب وصف لهذه العلاقات بأن فلانا موجود، ولكنني انتظر اللحظة التي أسمح لنفسي بأن أحرق كرته وأحوله من موجود إلى محروق. كنت لا أخشى نهاية العلاقات وإن شعرت بأن الطرف الآخر سينهيها قبلي، اتخذ الخطوة الجريئة بدلا منه حتى أشعر بأنني أنا التي أنهيتها وحرقتها ونثرت رمادها وكأن شيئا لم يكن! إلى أن وصلت لمرحلة نهاية العشرينات وبداية الثلاثينات، وانتبهت بأنني أثقلت نفسي بحمل أسماء وعلاقات ربطت نفسي بكروت تثقلني.. تعيق مسيري، تغبش نظري عن حقيقتي.. تبعدني خطوات حتى أصبحت مسافات بالأميال عن هدفي ورسالتي. أعتقد بأننا نحن البشر لا نتعلم سوى بالصفعات المشاعرية، رتبت الكروت وبقايا الكروت المحروقة أمامي فوجدت أن بعض الأسماء ما هي إلا كروت ولم تضف لي سوى ثقل وبعض الذنوب والكثير من الدموع والخدوش، وبعض بقايا الكروت التي أحرقتها في ساعة غضب أو زلة من «خربطة» مشاعر تمنيت بأنني لم أحرقها وأجعل لها على الأقل خط رجعة لترجع إلي أو أرجع لها.

فكم من شخص حرقت كرته أخفيته من حياتي متسرعة..

وكم من شخص أبقيت كرته ظاهرا نصب عيني وهو السبب في تعاستي وألمي..

هنا يا عزيزي القارئ لا أدعوك لقطيعة الناس ولكنني أريدك أن تنتقي كروتك جيدا من الأشخاص وأن تسميهم بحقيقتهم دون تلميع وزركشة وأن تحمي قلبك جيدا فلا تنس أن صحتك النفسية وراحتك الفكرية مترتبة كثيرا على كروتك التي ما زلت تحملها أو قد حرقتها؟

فقبل أن تدون اسما ما على كرت، اسأل نفسك هل يستحق هذا الكرت أن تتحمل ثقله (لا يهم مدى عطائك لهذه العلاقة ما دمت سعيدا).

وقبل أن تحرق اسما ما على كرت تأكد أنك لن تندم أبدا وتذكر دائما أن العلاقات وجدت لأن نسعد ببعض، نعاون بعض، نمسك بأيدي بعض، نأمن لبعض..

وإن لم تكن كذلك فالأحرى بها أن تكون كرتا محروقا..........

maramasiri4@gmail.com