عبدالعزيز العمري - جدة

رفع الدعوى الجزائية لا يخل بالمساءلة التأديبية للموظف العام

أوضح قانونيان أن المرسوم الملكي بتعديل الفقرة الخامسة من المادة الثانية مـن المرسوم الملكي رقم «م/43» بتاريخ 29 / 11 / 1377هـ، الخاصة بتفسير جريمة استغلال الموظف العام لسلطة وظيفته، أقر عقوبة الجريمة المتمثلة في السجن مدة لا تزيد على 10 سنوات أو بغرامة لا تزيد على 20 ألف ريال، كما يتم إقرار العقوبة ذاتها على مَن اشترك أو تواطأ معه على ارتكابها سواء كانوا موظفين أو غير موظفين. وأكدوا لـ «اليوم»، أن للجريمة ركنين، أولهما المادي والمتمثل في الحصول على العديد من المميزات من قبل صاحب الحاجة، بينما الركن الثاني يكون معنويا بحيث يعتبر جرم استغلال النفوذ من الجرائم العمدية، التي يمكن أخذ ركنها المعنوي من أشكال القصد الجنائي، وبالتالي لا بد من توافر الإرادة والعلم.

اختلاف التعاريف

وقال المستشار القانوني والخبير في القانون الجنائي الدولي ومكافحة غسل الأموال محسن عبيد الحازمي: إن استغلال النفوذ الوظيفي يعرف على أنه محاولة الاستفادة من السلطة، إضافة للقدرة على التأثير بشكل غير شرعي أو قانوني. وذلك على اختلاف تعاريفه بالقانون الجنائي لدى عدد من الدول. ويعتبر الموظف مستغلا لمنصبه ونفوذه باعتباره موظفا عاما أو فردا يقوم بصورة مباشرة أو غير مباشرة على الطلب أو القبول لأية ميزة غير مستحقة. ويكون هذا لصالح فرد آخر ليتمكن من استغلال الموظف العام أو الفرد نفوذه الحقيقي من أجل الحصول على السلطة أو الإدارة العمومية لتحقيق المنافع غير المستحقة.

وعد وعطيةوبيّن الحازمي أن لجريمة استغلال النفوذ الوظيفي ركنين هما الركن المادي والركن المعنوي، ويضم الركن المادي مجموعة من العناصر المركبة والمتنوعة تبنى على الطلب أو الأخذ أو القبول. وكذلك الوعد والعطية، ويمكن أن يسند إلى النفوذ الحقيقي بما يهدف إلى الإيهام بالقدرة على الحصول على إحدى المميزات، التي نص عليها القانون. ومن شروط قيام الركن المادي هو أن يكون الهدف من استغلال النفوذ الوظيفي هو إمكانية الحصول على العديد من المميزات من قبل صاحب الحاجة. وتم إيجاد ترابط بين ما يحصل عليه المتهم من وعود وعطايا وبين ما يعد به. فلا تكتمل الجريمة حتى يقوم الجاني بأخذ العطية مقابل دفع الموظف إلى إنهاء الموضوع المتعلق بصاحب الحاجة دون التذرع بالنفوذ المزعوم أو الحقيقي. بينما الركن الثاني يكون معنويا، بحيث يعتبر جرم استغلال النفوذ من الجرائم العمدية، التي يمكن أخذ ركنها المعنوي من أشكال القصد الجنائي. وبالتالي لا بد من توافر الإرادة والعلم، مبينا أن توافر العلم إذا كان الجاني على علم بتوافر النفوذ الحقيقي أو الكذب في الادعاء للنفوذ وعلى علم تام بشكل نوع المصلحة، التي يطلبها وأنها من السلطات العامة الوطنية. ويجب أن تكون إرادته باتجاه قبول الوعد أو الحصول على العطية ويكون هو على علم بأن هذا نتيجة لاستغلال النفوذ أو المنصب.

الوظيفة العامةوأوضح الباحث القانوني فيصل الشاطري، أن جريمة استغلال الموظف العام لسلطة وظيفته، تكون من خلال تحقيق مصلحة شخصية له أو لغيره أو الإضرار بالغير، وذلك من خلال المنع أو الامتناع عن تطبيق ما تضمنته الأوامر أو المراسيم الملكية أو الأنظمة أو اللوائح أو قرارات مجلس الوزراء أو أوامر رئيس مجلس الوزراء أو تطبيقها على غير وجهها الصحيح أو في غير موضعها، متى ما كان ذلك الاستغلال متعمدا وبسوء نية، وتعتبر من جرائم الوظيفة العامة، التي تتولى النيابة العامة التحقيق فيها ورفع الدعوى الجزائية في حال ثبوتها أمام المحكمة الجزائية. وفي كل الأحوال ورد في المرسوم الملكي أن رفع الدعوى الجزائية لا يخل بالمساءلة التأديبية للموظف العام المقررة نظاما.

العبث بالأنظمةوكانت الفقرة الخامسة من المرسوم قبل تعديلها تنص على أن تتم معاقبة كل مَن قام بسوء الاستعمال الإداري كالعبث بالأنظمة والأوامر والتعليمات وبطرق تنفيذها امتناعا وتأخيرا ينشأ عنه ضرر خاص أو عام، ويدخل ضمن ذلك تعمد تفسير النظم والأوامر والتعليمات على غير وجهها الصحيح أو في غير موضعها بقصد الإضرار بمصلحة حكومية لقاء مصلحة شخصية أو استغلال النفوذ أيا كان نوعه في تفسير الأوامر وتنفيذها لمصلحة شخصية عن طريق مباشر أو غير مباشر.

المساءلة التأديبيةونص التعديل الذي أقره المرسوم الملكي الصادر بالفقرة ذاتها على «أن تتم معاقبة كل موظف عام استغل سلطة وظيفته -بطريقة مباشرة أو غير مباشرة- لتحقيق مصلحة شخصية له أو لغيره أو للإضرار بالغير، وذلك من خلال المنع أو الامتناع عن تطبيق ما تضمنته الأوامر أو المراسيم الملكية أو الأنظمة أو اللوائح أو قرارات مجلس الوزراء أو أوامر رئيس مجلس الوزراء أو تطبيقها على غير وجهها الصحيح أو في غير موضعها، متى ما كان ذلك الاستغلال متعمدا وبسوء نية، ولا يخل ذلك بالمساءلة التأديبية للموظف العام المقررة نظاما. وتتمثل العقوبة المقررة بحق الموظف مرتكب هذه الجريمة في السجن مدة لا تزيد على 10 سنوات أو بغرامة لا تزيد على 20 ألف ريال، كما يتم إقرار العقوبة ذاتها على مَن اشترك أو تواطأ معه على ارتكابها سواء كانوا موظفين أو غير موظفين».