اليوم - الوكالات

الرئيس الصيني في اتصال مع بوتين: على الجميع العمل لحل الأزمة الأوكرانية

تجاهل الأوكرانيون إنذار روسيا، أمس الأربعاء، لتسليم مدينة سيفيرودونيتسك الشرقية واستسلام الجنود في مصنع «آزوت» المحاصر، في حين حث الرئيس فولوديمير زيلينسكي الاتحاد الأوروبي على السماح لبلاده بالانطلاق على طريق الانضمام إلى التكتل، محذرًا من أن طموحات موسكو الإقليمية تمتد من وارسو إلى صوفيا.

وفي خطاب ألقاه أمام البرلمان التشيكي عبر رابط فيديو، دعا زيلينسكي أيضا إلى تشديد عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا بسبب الحرب على بلاده في 24 فبراير.

وقال: «روسيا ليست مهتمة بمدننا ماريوبول وسيفيرودونيتسك وخاركيف وكييف فحسب، لا، فطموحاتها موجهة إلى منطقة شاسعة تمتد من وارسو إلى صوفيا»، دون الإشارة لأدلة على ما يقول.

وأضاف: «مثلما حدث في السابق، الحرب على أوكرانيا هي الخطوة الأولى التي تحتاجها القيادة الروسية لفتح الطريق إلى دول أخرى، لغزو شعوب أخرى».

وفرض الاتحاد الأوروبي ست جولات من العقوبات على روسيا، وتريد أوكرانيا فرض مجموعة سابعة لزيادة الضغط على موسكو لإنهاء الحرب.

ومن المتوقع أن تعلن المفوضية الأوروبية عن قرار بشأن طلب أوكرانيا الحصول على وضع الدولة المرشحة هذا الأسبوع قبل قمة الاتحاد الأوروبي في الأسبوع المقبل، وسيكون الحصول على وضع الدولة المرشحة خطوة أولى في عملية طويلة للانضمام.

توجيه دعوة

وبينما أعلن الأمين العام لـ«ناتو» ينس ستولتنبرج أمس أنه تم توجيه دعوة للرئيس الأوكراني للمشاركة في قمة الحلف المقررة نهاية الشهر الجاري في مدريد، قال زيلينسكي إن «منح أوكرانيا الآن وضع الدولة المرشحة هو دليل على أن الوحدة الأوروبية شيء حقيقي وأن القيم الأوروبية حقيقة واقعة وليست شيئا منصوصا عليه فقط في وثائق بعينها».

وأضاف: «من يريدون الاستيلاء على كل شيء لن يتوقفوا أبدًا بعد الحصول على جزء مما يريدونه».

ولم تصدر روسيا بعد تعليقات على تصريحات زيلينسكي، وتصف موسكو الحرب في أوكرانيا بأنها عملية عسكرية خاصة ضد الجيش الأوكراني ومن تصفهم بأنهم قوميون خطرون.

في غضون هذا، قال التليفزيون الرسمي الصيني: إن الرئيس تشي جين بينغ أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي أمس الأربعاء أنه يتعين على جميع الأطراف العمل على حل الأزمة الأوكرانية «بطريقة تتحلى بالمسؤولية».

وكانت الصين قد رفضت إدانة تحركات روسيا في أوكرانيا أو وصفها بالغزو وحثت على التوصل إلى حل عن طريق التفاوض.

وأكد تشي في الاتصال مجددًا استعداده للمساعدة في التوصل إلى حل.

وتزايد التقارب بين الصين وروسيا في السنوات الأخيرة ووقع بوتين وتشي في فبراير الماضي على شراكة إستراتيجية واسعة النطاق تهدف إلى التصدي للنفوذ الأمريكي.

وأمس أيضا، قال الكرملين: إن الاتصالات ما زالت «ضرورية» في العلاقات مع الولايات المتحدة.

جندي أوكراني يساعد امرأة مسنة عند مغادرتها لمنزلها بعد إخلاء بلدتهم في منطقة لوجانسك (رويترز)


روسيا والصين

وفتحت روسيا والصين يوم الجمعة جسرًا جديدًا عبر الحدود في أقصى الشرق تأملان أن يساعد في تعزيز التجارة بين البلدين في الوقت الذي ترزح فيه موسكو تحت وطأة عقوبات غربية صارمة فرضت عليها بسبب حربها في أوكرانيا.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحفيين في مؤتمر عبر الهاتف ردًا على سؤال عن العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا: إن «الاتصالات ضرورية، وسيبقى التواصل واجبا في المستقبل»، وأضاف «الولايات المتحدة باقية، وأوروبا باقية، لذا بطريقة ما سيتعين علينا التواصل معهم».

ووصلت العلاقات بين روسيا والغرب بالفعل لأدنى مستوياتها منذ نهاية الحرب الباردة حتى قبل أن ترسل موسكو عشرات الآلاف من الجنود إلى أوكرانيا فيما تسميه «عملية عسكرية خاصة».

وتعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن يجعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «منبوذا» على الساحة العالمية، فيما قال بيسكوف «هل من الممكن العودة إلى روح جنيف، عندما كان هناك بصيص من الأمل؟ احتمال ضعيف جدا»، وتابع: «من غير المحتمل أن نعيش في أحلام قديمة ونحن نرى ما يحدث الآن».

ومضى قائلا: إن الاتصالات المستقبلية بين البلدين وهما أكبر قوتين نوويتين في العالم يجب أن تكون على أساس «الاحترام والمنفعة المتبادلة»، بيد أنه أضاف: إن «هذا ليس موضوعا (مطروحا) على المدى القصير».

تجاهل إنذار

إلى ذلك، تجاهل الأوكرانيون إنذار روسيا لتسليم مدينة سيفيرودونيتسك الشرقية أمس الأربعاء في حين يجتمع وزراء الدفاع بالدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي في بروكسل لبحث إرسال المزيد من الأسلحة الثقيلة لملء ترسانات أوكرانيا الخاوية.

وطلبت روسيا من القوات الأوكرانية المتحصنة في مصنع للكيماويات بالمدينة المدمرة وقف «المقاومة غير المجدية وإلقاء السلاح» اعتبارًا من صباح الأربعاء مؤكدة على تقدمها في معركتها للسيطرة على شرق أوكرانيا.

ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن انفصاليين مدعومين من موسكو قولهم: إن خططا أعلنتها موسكو بشأن فتح ممرات إنسانية للمدنيين المحاصرين في المصنع تعطلت بسبب قصف أوكراني، وكان الانفصاليون يخططون لنقل المدنيين لأراض تحت سيطرتهم.

وتقول أوكرانيا: إن أكثر من 500 مدني محاصرون إلى جانب المقاتلين في مصنع «آزوت» للكيماويات، حيث قاومت قواتها على مدى أسابيع القصف الروسي الذي حول قسما كبيرا من مدينة سيفيرودونيتسك إلى أنقاض.

وقال أوليكسندر ستريوك رئيس بلدية سيفيرودونيتسك بعد انقضاء أجل الإنذار الروسي: إن القوات الروسية تحاول اقتحام المدينة من عدة اتجاهات لكن القوات الأوكرانية تواصل الدفاع عنها ولم تعزل تمامًا.

وقال للتليفزيون دون الإشارة إلى الإنذار «نحاول دفع العدو صوب وسط المدينة، هذه عملية مستمرة تنطوي على نجاحات جزئية وانتكاسات تكتيكية»، وأضاف: «طرق الفرار خطرة لكن هناك طرقا».

وقال سيرهي جايداي حاكم إقليم لوجانسك الذي تقع به سيفيرودونيتسك: إن الجيش يدافع عن المدينة ويبقي القوات الروسية بعيدا عن ليسيتشانسك المدينة التوأم التي تسيطر عليها موسكو وتقع على الضفة الأخرى من نهر سيفرسكي دونتس.

إقليم لوجانسك

ولوجانسك واحد من إقليمين تطالب روسيا بالسيادة عليهما للانفصاليين، ويشكل الإقليمان منطقة دونباس وهي صناعية أوكرانية ركزت روسيا هجومها عليها بعد أن فشلت في السيطرة على العاصمة كييف في مارس.

وقالت المخابرات البريطانية: إن المقاتلين في مصنع الكيماويات يمكنهم البقاء أحياء تحت الأرض وستظل القوات الروسية على الأرجح تركز عليهم لمنعهم من شن هجمات في أماكن أخرى.

لكن وزير الدفاع البريطاني بن والاس قال: إن الجنود الأوكرانيين على الجبهة الشرقية منهكون وأقل عددا من القوات التي تواجههم.

ولم يتسن لرويترز على الفور التحقق من الأوضاع على جبهة القتال.

ويعيد قصف «آزوت» للأذهان صور الحصار السابق لمصنع آزوفستال لأعمال الصلب، الذي احتمى به مئات المقاتلين والمدنيين من القصف الروسي لميناء ماريوبول الجنوبي.

واستسلم من كانوا داخله في منتصف مايو وجرى اقتيادهم إلى روسيا.

ويمثل الهجوم الروسي على سيفيرودونيتسك، المدينة التي كان عدد سكانها أكثر بقليل من 100 ألف نسمة قبل الحرب، يمثل محور القتال فيما يُسمى معركة دونباس.

وقالت كييف: إن ما بين 100 و200 من جنودها يلقون حتفهم يوميا، فيما يصاب مئات آخرون في أكثر المعارك دموية منذ 24 فبراير.

ووعدت الدول الغربية أوكرانيا بتزويدها بأسلحة تتوافق مع معايير حلف شمال الأطلسي بما في ذلك صواريخ أمريكية متقدمة، لكن نشرها يستغرق وقتا، وقال زيلينسكي: إن أوكرانيا ليست لديها منظومات كافية مضادة للصواريخ، مضيفا إنه «لا يمكن أن يكون هناك مبرر للتأخير».

الرئيسان الفرنسي والروماني أثناء زيارتهما لقوات الناتو في قاعدة جوية قرب مدينة كونستانتا (رويترز)


انتظار بروكسل

وقال ميخائيلو بودولياك، مستشار الرئيس الأوكراني: إن المدافعين عن سيفيرودونيتسك يريدون معرفة متى ستصل الأسلحة، وكتب على «تويتر»: بروكسل.. نحن ننتظر قرارًا.

وقال الأمين العام لحلف الأطلسي ينس ستولتنبرج قبل الاجتماع في بروكسل برئاسة وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن «نركز بشدة على زيادة الدعم».

وفي مايو، أقر مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون لتقديم مساعدات إضافية لأوكرانيا بقيمة 40 مليار دولار ووعد بتزويدها بأنظمة صاروخية بعيدة المدى وطائرات مسيرة ومدفعية متطورة.

ولا تكشف روسيا بصورة منتظمة عن خسائرها، لكن الدول الغربية تقول «إنها خسائر هائلة»، في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس فلاديمير بوتين إلى السيطرة الكاملة على دونباس ومساحة من الأرض في جنوب أوكرانيا.

من جهته، ذكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن أوروبا يجب أن تتحد لإرسال إشارة سياسية واضحة لأوكرانيا، وذلك خلال زيارته لرومانيا.

وقال ماكرون خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الروماني كلاوس يوهانيس في قاعدة «ميخائيل كوجالنيسينو» العسكرية: إن «السياق السياسي والقرارات التي يتعين أن يتخذها الاتحاد الأوروبي والدول تبرر إجراء مناقشات جديدة وعميقة وخطوات جديدة إلى الأمام».

وأضاف ماكرون «إنه يأمل في وقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات»، وشدد على أنه يدعم أوكرانيا، لكنه لا يشن حربا ضد روسيا.

كما أكد ماكرون على أنه سيدعم مساعي رومانيا لتحريك الجهود للانضمام لمنطقة «شينغن»، بعد التوقف لأعوام.

ولم تحصل رومانيا وبلغاريا على الدعم السياسي من أنحاء الاتحاد لانضمامهما، في حين أرجأت بعض الدول قرارها في هذا الشأن، وأرجعت ذلك إلى مخاوف تتعلق بإحراز تقدم في مجال إصلاح القضاء، ومكافحة الفساد.