هناء مكي

كيف أصبح الاقتصاد البريطاني خامس أكبر اقتصاد في العالم، أضحية؟، يبدو أن بريطانيا أصابتها لعنة «بريكست»، وها هي تحاول أن تنجو بنفسها، وقامت يوم الخميس الفائت وللمرة الخامسة على التوالي برفع نسبة الفائدة في حرب يخوضها البنك المركزي هناك لإبعاد شبح التضخم الكارثي، الذي يصل إلى مشارف 10 % من إجمالي نسبة التضخم العادية، ووفقاً لمركز الأبحاث لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، يتوقع أن يبلغ معدل التضخم 8.8 % هذا العام، وأن ينخفض بشكل طفيف إلى 7.4 % في 2023، ولكنه فاق التوقعات منذ بدأ الانكماش في فبراير وتعاظم في مارس، وتراجع النشاط التجاري في مايو، ومن ثم انخفض الجنيه البريطاني بنسبة 8 % تقريبا مقابل الدولار الأمريكي ليسجل خسائر أكثر من اليورو.

وبعد إكمال المملكة المتحدة في مارس الماضي أربع سنوات على خروجها من الاتحاد الأوروبي فعلياً، وبعد 40 عاما قضتها في الاتحاد، محاولة السيطرة على اقتصادها بصورة فردية في خطوة تعتبر تاريخية وصفها الأوروبيون بالأنانية وغضبوا منها بالذات وهي تأتي على أثر ارتداد الأزمات المالية والاقتصادية في منطقتهم، وأطلق على هذا الخروج تسمية «بريكست» اختصارا. انقسمت منطقة اليورو سابقا إلى منطقتين ماليتين اقتصاديتين متنافستين هما اليورو والاسترليني، ولكن ومنذ خروجها الذي كان هدفه إنقاذ اقتصاد بريطانيا وضحى الكثير من المسؤولين آنذاك بمناصبهم القيادية في سبيل تمرير القرار في وقت حرج للغاية، ومنذ ذلك الوقت إلى اليوم تعرض الاقتصاد البريطاني لتدرج بين نجاح وترنح ثم تدهور سريع، وكأنه أصيب بلعنة، وكل التوقعات التي تنبأت له لم تعد صالحة اليوم، بعد أن حقق في بداياته نجاحا لافتا عاد لينتكس ممهدا لانكماش ولنسبة 0 % نموا.

لا شك، أن تدرج الاقتصاد البريطاني بعد بريكست يجعلنا على يقين أن ليس هناك ما هو مضمون في عالم المال والاقتصاد، فقد كابد الاقتصاد البريطاني كثيرا للوقوف مجددا بعد أزمة الإغلاق في ظل الجائحة، بل القطاع التجاري وبعض القطاعات الحيوية عانت كثيرا جراء أزمة بريكست المرحلية منذ العام 2016 ثم 2019، وكانت تحاول المضي ولكن أزمة الجائحة جاءت لتسقط كل مهتز في الاقتصاد البريطاني، وحتى سياسة الدعم الحكومي، التي أبقت على بعضها، وبقيت واقفة بضعف، لتأتي الحرب الروسية الأوكرانية وتنهيها بالضربة القاضية.

ماذا حدث لخامس أكبر اقتصاد في العالم؟ وضع البريطانيون ثقلهم في دول أوروبا الشرقية بعد أن غضب منهم الأوروبيون، لتكون بنيتهم التحتية لاقتصاد متقدم، ولكن صناعاتهم توقفت بعد الحرب بعد غضب الروس أيضا، وتضررت كثيرا على أثر ارتفاع أسعار الطاقة، بل العقوبات على روسيا تأتي بنتائج عكسية على اقتصادهم، فتجمدت الأموال البريطانية والمشاريع والاستثمارات المشتركة، ومنذ بداية العام وبحسب مركز الإحصاء الوطني، هذه هي المرة الأولى التي تنكمش فيها القطاعات الرئيسية الثلاثة للاقتصاد معاً منذ يناير 2021.

وبحسب (OECD) بريطانيا أكبر المتضررين من الحرب القائمة، وبدل إخمادها، وتعويض الخسائر، فهي تذكيها وتشعل غضب البريطانيين ضد حكومتهم لسوء القرارات.

@hana_maki00