سالم اليامي

يوم الثلاثاء الماضي الرابع عشر من شهر يونيو للعام 2022 للميلاد سيبقى في ظني يوما مهما في مسيرة العلاقات السعودية - الأمريكية، وتعود هذه الأهمية في رأينا إلى أنَّ الجانبين السعودي والأمريكي أعلنا في ذات التوقيت عن موعد زيارة فخامة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية إلى المملكة العربية السعودية وتلبية فخامته للدعوة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين.

كمراقبين ومتابعين يمكننا أن نؤكد وبثقة عالية أَنَّ وجود علاقات طبيعية ونشطة بين هذين البلدين يكون لها انعكاس في الغالب إيجابيا على مصالح الطرفين وعلى المنفعة العامة للمنظومة الدولية، ومَن أراد دليلاً على ذلك فليعد إلى ثمانية عقود من العلاقات المتينة والوثيقة كان من نتائجها مصالح واستقرار للبلدين والشعبين علاوة على المصالح الأمنية والجيوإستراتيجية والاستقرار الملحوظ في أسواق الطاقة العالمية.

في الغرب يقولون إنَّ مفهومين في السياسة الأمريكية يجب التفريق بينهما. الأول الاستدارة، والآخر مفهوم العودة. الأول يعني أَنَّ صانع السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية يستدير للمنطقة وأعني بها منطقة الشرق الأوسط وهمومها واحتياجاتها من باب إنجاز مهمة ما لا أكثر، ويعني المفهوم الثاني إعادة الاهتمام ومستويات التفضيل السياسي إلى المنطقة، وهذا يعني إعادة لترتيبات الأولويات الأمريكية، وللتأكيد على جزئية أن منطقة الشرق الأوسط رغم التعقيدات السياسية والأمنية والثقافية ستبقى منطقة تفضيل إستراتيجي أمريكي لزمن بعيد، وهذا الرأي مهم إذا كان هو الخيار الأمريكي الحقيقي، حيث أثبتت الأيام أَنَّ العودة وليس الاستدارة الأمريكية إلى المنطقة مصدر استقرار.

العلاقات السعودية - الأمريكية وفي ثناياها العلاقات الخليجية والعربية مع الولايات المتحدة الأمريكية مقبلة على حالة من الانتعاش، وستكون مفيدة لنا في منطقة الشرق الأوسط إذا حققت هذه العودة جملة أمور منها، أو أبرزها أولاً تزويد الدول الخليجية بحاجتها من مصادر التسليح، الذي يعد ركنا مهما في العلاقة، وموضوعا حيويا لسلامة واستقرار هذه الدول، الأمر الثاني يتركز في ضرورة أن يكون هناك موقف حازم وعملي لوقف السيطرة والهيمنة الإيرانية وسلوكياتها، التي تصفها الإدارة الأمريكية اليوم بالتخريبية، إيران تقف بوضوح لا يحتاج إلى دليل خلف جل أزمات المنطقة العسكرية والنووية والأمنية، إيران تنهار من الداخل وتريد أَنَّ تسحب دول المنطقة معها، حيث تصدر الإرهاب والمخدرات والمرتزقة لكل أماكن بؤر الصراع وتغذي لدى بعض الأطراف الداخلية في غير بلد عربي حركات التمرد والانفصال والتخريب.

زيارة فخامة الرئيس الأمريكي الشهر المقبل، التي ستستغرق يومين ستشهد مناخاً سياسياً ألفت الرياض، بل برعت في إقامته ورعايته، حيث ليست هذه المرة الأولى، التي تعقد فيها مثل هذه اللقاءات، وهذه القمم، بل المملكة تملك رصيداً جيداً في هذا المضمار يؤهلها للإعداد لزيارة ناجحة ولقاءات مثمرة مع الطرف الأمريكي.

الجانب الأمريكي في اللقاءات السعودية والخليجية والعربية سيكون لديه كثير من الملفات لمناقشتها بهدف الحل لبعضها وبهدف لقفل بعضها إلى غير رجعة. وقد يتساءل البعض هل هناك ملفات قابلة للحل والتجاوز بسهولة. وأقول من واقع متابعة للشأن الدولي إنَّ هناك بالفعل ملفات يجب تجاوزها؛ لأن مصالح البلدان والشعوب والحفاظ عليها لها ثمن غالٍ أحياناً يدفع ثمنه السياسي من نجاحه واستمراريته السياسية. فخامة الرئيس الأمريكي رجل مجرب وله تجربة كبيرة ولا أحد يشك في أَنَّ لا يعرف أين تقع مصلحة بلاده وشعبه.

@salemalyami