ترجمة: إسلام فرج

تؤكد الحاجة الملحة إلى معالجة سياسية

قال موقع «آسيا تايمز» إن تغيّر المناخ يشكل خطرًا على جنوب آسيا، مشيرًا إلى أن موجة الحر في المنطقة تؤكد الحاجة الملحَّة إلى معالجة سياسة المناخ.

وبحسب مقال لـ «كريس فيتزجيرالد»، في جزء من العالم غير مستقر سياسيا بالفعل، يمثل المناخ المتغير تهديدًا وجوديًّا ستحتاج المنطقة بأكملها للتعامل معه لمنع وقوع كارثة إنسانية.

وأردف يقول: موجة الحر عبر الهند وباكستان غير مسبوقة، تشهد الهند أكثر الشهور سخونة منذ أن بدأت التسجيلات قبل أكثر من 100 عام، حيث وصلت نيودلهي إلى مستوى قياسي بلغ 49 درجة مئوية في مايو، وبلغت درجة الحرارة في مدينة جاكوب آباد الباكستانية 49 درجة، وهي واحدة من أعلى درجات الحرارة المسجلة على هذا الكوكب في أبريل.

وأضاف: عانت منطقة بلوشستان الباكستانية خلال أسابيع من درجات الحرارة هذه، وهي نادرة في هذا الوقت من العام، مما أدى إلى عدم قدرة الناس على العيش في منازلهم والعمل أثناء النهار ومواجهة نقص المياه، كما أصبحت الكهرباء أيضًا نادرة، حيث لا يمكن استخدام مكيفات الهواء والثلاجات لمدة تصل إلى 9 ساعات في اليوم عندما تكون الحرارة في أسوأ حالاتها.

المناطق المتضررة

ومضى الكاتب يقول: أفادت إدارة الأرصاد الجوية الباكستانية أن الحرارة أثرت على الزراعة وصحة الإنسان والحيوان وتسببت في ذوبان الجليد والثلج في جيلجيت بالتستان وخيبر باختونكوا، كما أدت موجة الحر أيضًا إلى انخفاض محصول القمح في الهند بنسبة تصل إلى 50% في المناطق المتضررة.

وتابع: وصلت درجات الحرارة المرتفعة قبل شهرين من موعدها وهي بلا شك نتيجة لتغيّر المناخ، لقي ما يصل إلى 90 شخصًا في الهند وباكستان مصرعهم بسبب موجة الحر.

وأشار إلى أنه بينما تعاني الهند وباكستان حاليا من صعوبات، فهذه مشكلة على مستوى المنطقة.

وأردف بقوله: جنوب آسيا شديد التأثر بتغيُّر المناخ، لن يشهد المناخ المتغير درجات حرارة أعلى فحسب، بل سيشهد موسمًا أطول للرياح الموسمية وموجات جفاف متزايدة، وهذا واضح بالفعل، حيث تشير التقديرات إلى أن نصف سكان المنطقة ويبلغ عددهم 750 مليونًا، تعرضوا لواحدة أو أكثر من الكوارث المرتبطة بالمناخ على مدار الـ 20 عامًا الماضية.

وأضاف: عانت أفغانستان الجفافَ لمدة عامين، وهو عامل رئيسي في انعدام الأمن الغذائي الذي يواجهه السكان حاليا، تسبب إعصار أمفان، وهو أحد أكبر الأعاصير المسجلة، في نزوح ما يقرب من 5 ملايين شخص في الهند وبنجلاديش في 2020، وقد أدى ارتفاع مستوى سطح البحر في بنجلاديش وسريلانكا إلى زيادة الفيضانات المفاجئة واندفاعات العواصف، ويعتبر هذا مصدر قلق كبير بالنسبة لبنجلاديش، حيث يقل ارتفاع ثلثي البلاد عن 5 أمتار فوق مستوى سطح البحر.

ولفت إلى أن تغير المناخ يمكن أن يتسبب في حدوث أزمة إنسانية حادة في المنطقة، مع نزوح الملايين.السيناريو الأسوأوتابع: توقعت دراسة أجراها البنك الدولي عام 2018 سيناريو أسوأ حالة لـ40 مليون مهاجر بسبب المناخ في جنوب آسيا بحلول عام 2050، وهذا من شأنه أن يُثقل كاهل المدن المكتظة بالفعل في المنطقة ويؤدي إلى إجهاد في الغذاء والمياه وإمدادات الطاقة.

وأضاف: قد تشهد الهجرة عبر الحدود زيادة في التوترات الإقليمية أو العنف الطائفي، كما شوهد سابقًا عندما أطلقت السلطات الهندية النار على المهاجرين البنغاليين بعد إقامة جدار حدودي في العقد الأول من القرن الـ21 والهجمات على اللاجئين الروهينغا الذين دخلوا بنجلاديش أو حاولوا مغادرة مخيمات اللاجئين البنجلاديشيين التي غمرتها الفيضانات.

وبحسب الكاتب، يُظهر الوضع الحالي في سريلانكا أن عدم الاستقرار السياسي يحدث عندما يُحرم السكان من الوصول إلى السلع الأساسية، مثل الغذاء والوقود والإمدادات الصحية.

وأضاف: مع تعرض الاستقرار الإقليمي للخطر، تحتاج دول جنوب آسيا إلى معالجة تغيُّر المناخ بسرعة، ويمكن تحقيق ذلك بعدة طرق.

وأشار إلى أن أولى هذه الطرق هو التكيف مع تغيّر المناخ وبوتيرة سريعة، مضيفًا: قامت بنجلاديش بالفعل بإعادة تأهيل أكثر من 700 كيلو متر من السدود البحرية للحماية من العواصف والمد والجزر وقامت ببناء أكثر من ألف ملجأ من الأعاصير.

وتابع: كما أعادت سريلانكا تأهيل الأراضي الرطبة في كولومبو للمساعدة في منع الفيضانات وبنت العديد من مشاريع البنية التحتية الحضرية لأغراض التكيف.

وأردف: لكن على الصعيد الإقليمي، فإن وتيرة هذا العمل إما بطيئة للغاية أو مشوبة بالتأخيرات أو بالفساد.

ومضى يقول: لهذا السبب، فإن التعاون والتمويل الدوليين مطلوبان، لا سيما للبلدان الأفقر في المنطقة.خطوة إيجابيةويواصل قائلا: في خطوة إيجابية، قدم البنك الدولي ما بين 1.4 مليار دولار أمريكي في عام 2017 إلى 3.7 مليار دولار أمريكي في 2021 كتمويلات للتكيف مع المناخ والتخفيف من آثاره في المنطقة.

وبحسب الكاتب، تحتاج مبادرات التمويل مثل هذه إلى الاستمرار في تمكين البلدان الأفقر في المنطقة من الاستمرار في نشر البنية التحتية للتكيف في المناطق المهددة.

ولفت إلى أن الطريقة الثانية تتمثل في ضرورة وفاء المنطقة بالتزاماتها بخفض انبعاثات الكربون، مضيفا: في حين أن المنطقة منخفضة الانبعاثات تقليدي، إلا أن الهند مثلا تعتمد على الفحم لتشغيل تنميتها لبعض الوقت.

وتابع: بالمقارنة مع انبعاثات جيرانها المنخفضة، فإن الهند ملزمة بتقليل الكربون بقوة مع الاستمرار في انتشال مواطنيها من الفقر، هذه ليست مهمة سهلة بأي حال من الأحوال، ولكن يمكن تحقيقها من خلال التطورات المستمرة في مجال الطاقة المتجددة واستخدام النمو الاقتصادي للبلد في التنمية المستدامة.

ومضى يقول: أما الطريقة الثالثة فهي أن دول جنوب آسيا تحتاج إلى التخطيط للهجرة الناجمة عن المناخ.

وتابع: خططت الهند وبنجلاديش وباكستان بالفعل لهذا الاحتمال، قدمت بعثة جواهر لال نهرو الوطنية للتجديد الحضري في الهند 10 مليارات دولار إلى 60 مدينة لتحديث البنية التحتية لزيادة القدرة على استيعاب المهاجرين بسبب المناخ.

وأضاف: تعالج سياسة المناخ في باكستان الهجرة إلى المناطق الحضرية والأمن الغذائي الوطني من أجل تغيُّر المناخ، ولدى بنجلاديش إستراتيجية وطنية مطبقة تهدف إلى معالجة النزوح الداخلي الناجم عن المناخ.

وأردف: فيما يتعلق بالهجرة عبر الحدود، فإن أفضل حل هو أن تعمل المنطقة معًا للتخطيط لاحتمال حدوث تدفقات الهجرة الإقليمية، بحيث يمكن وضع مسار منظم عند وقوع أحداث النزوح.

واختتم بقوله: تحتاج المنطقة إلى الاستفادة من خبرتها في التعامل مع الظواهر الجوية المتطرفة لتشكيل سياسات طموحة للتكيف والتخفيف لتقليل آثار تغيُّر المناخ مع الاستمرار في تطوير اقتصاداتها، وانتشال المجتمعات من الفقر. إن عدم القيام بذلك سيعرض حياة الملايين للخطر.