وليد الأحمد

بموازاة تزايد ارتباطنا بالتقنيات الرقمية في كل جانب من حياتنا اليومية، تتزايد فرص النمو والازدهار الاقتصادي، ولكن بشرط أن نضمن وجود قوانين منافسة عادلة في جميع الأسواق والصناعات؛ لأن الاحتكار ضار للاقتصاد وللمؤسسات الصغيرة، فضلًا عن المستهلك.

التحديات التي خلقتها شركات التقنية الأمريكية مثل جوجل وفيسبوك وتويتر، وممارساتها الاحتكارية، ومنها السطو على البيانات، واحتكار سوق الإعلانات الرقمية، وحقوق نشر الأخبار الصحفية على مواقع التواصل، إضافة لاحتكار محركات البحث، دفعت الحكومة البريطانية مؤخرًا لإنشاء كيان جديد بمسمى «وحدة الأسواق الرقمية»؛ لأنها اعتبرت «تعزيز المنافسة في الأسواق الرقمية هو أداة حيوية في تحقيق رؤية الحكومة للاقتصاد، فهناك إجماع متزايد على أن النمو الاقتصادي يمكن أن يكون أكثر إثارة للإعجاب، إذا تمكَّنا من ضمان وجود منافسة نشطة في جميع الأسواق الرقمية».

لذا سيكون لهذه الوحدة الحق في فرض غرامات تصل لما نسبته 10% من حجم مبيعات شركة التقنية العالمية.

هذا جزء من المبررات التي قدَّمها كلٌّ من وزير الدولة للشؤون الرقمية والثقافة والإعلام والرياضة، والدعم، ووزير الدولة للأعمال والطاقة والإستراتيجية الصناعية في السادس من شهر مايو ضمن مشروع قرار قدَّماه إلى البرلمان.

كبرى الصحف والمؤسسات الإعلامية البريطانية مثل BBC باتوا يستعدون لجني نحو 250 مليون جنيه إسترليني (1.15 مليار ريال) سنويًا إذا أقرَّت المملكة المتحدة تشريعات على غرار أستراليا تُجبر Google وFacebook على دفع ثمن الأخبار التي يتداولها رواد مواقع التواصل ومحركات البحث.

ووفقًا لأبحاث مؤسسة Press Gazette الإعلامية، فإن التفاوض مع شركات التقنية الأمريكية سيؤمن لأكبر عشر صحف بريطانية 173 مليون جنيه إسترليني في السنة قابلة للزيادة، وتعادل نحو 30% من التكاليف التحريرية للصحافة، مستشهدين بالتجربة الأسترالية الناجحة التي تُدرُّ اليوم للصحف نحو 200 مليون دولار أسترالي للصحف (115 مليون جنيه إسترليني).

اللافت أن هذه التحركات لحماية المؤسسات الصحافية تحدث في بريطانيا الرائدة في مجال التكنولوجيا والابتكار وإحدى أفضل الدول التكنولوجية في أوروبا، وتحتل مدنها مانشستر ولندن وبريستول وأكسفورد وكامبريدج مركزًا بين أفضل 20 مدينة في أوروبا للاستثمار التكنولوجي، والتوظيف في قطاع التكنولوجيا فيها يسجل نموًّا بنسبة 40٪ بما يوازي 9٪ من القوة العاملة الوطنية، واللافت أيضًا أن هذا التقدير للصحف يأتي من وزير دولة للشؤون الرقمية والإعلام والثقافة مؤمنًا بقيمة الصحافة في المجتمعات، وأهمية الحفاظ عليها دون تسطيح للمسألة من باب ماذا قدمت لتبقى! كما يردد اليوم بعض المناهضين للمؤسسات الصحافية عن قصر نظر.

@woahmed1