مها العبدالهادي - الدمام

حجم التبادل التجاري بين الرياض وأنقرة بمليارات الدولاراتعلاقات اقتصادية بين البلدين تمتد لأكثر من 5 عقودعلاقات متطورة وصلت إلى أعلى مستوياتها بعد تشكيل المجلس التنسيقي في 2016تبادل ثقافي.. معارض ومحاضرات وعروض فنية

شكل العام 1929 بداية العلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية التركية، ومنذ بدايتها شهدت تطورات وتعاونا بين الدولتين في شتى المجالات، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وثقافياً.

وبناءً على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -يحفظه الله-، وانطلاقاً من حرص مقامه الكريم على التواصل وتعزيز العلاقات بين المملكة والدول الشقيقة في المجالات كافة، واستجابة للدعوات المقدمة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء -يحفظه الله-، فقد غادر سموه بحفظ الله ورعايته، الإثنين 21/11/1443هـ الموافق 20/6/2022م لزيارة كل من (جمهورية مصر العربية، والمملكة الأردنية الهاشمية، وجمهورية تركيا)، حيث سيلتقي سموه خلال هذه الزيارات بقادة هذه الدول؛ لبحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك.

بعد مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -يحفظه الله-، ملكًا للمملكة العربية السعودية، بشهرين، في مارس 2015، عقد خادم الحرمين في الرياض جلسة مباحثات رسمية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ناقشا خلالها آفاق التعاون بين البلدين الشقيقين، وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، وتطورت العلاقات وشهدت مزيدًا من التعاون والتفاهم المشترك حول الموضوعات التي تهم مصالح البلدين والأمة الإسلامية، ووصلت إلى أعلى مستوياتها بعد تشكيل المجلس التنسيقي الإستراتيجي الذي تم تأسيسه في شهر أبريل 2016 في تركيا، بحضور خادم الحرمين الشريفين، والرئيس التركي، والذي عقد اجتماعه الأول بتاريخ 8 فبراير 2017 في أنقرة برئاسة وزيري خارجية البلدين.

مجلس تنسيقي

ويهتم المجلس التنسيقي الإستراتيجي بدعم العلاقات بين المملكة وتركيا في المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصاد، والتجارة، والبنوك، والمال، والملاحة البحرية، علاوة على مجالات الصناعة والطاقة، والزراعة، والثقافة والتربية، والتكنولوجيا، ومجالات الصناعات العسكرية، والأمن، والإعلام والصحافة والتليفزيون، والشؤون القنصلية.

وفي دلالة على متانة العلاقة الثنائية، كانت المملكة من أوائل الدول التي وقفت إلى جانب تركيا بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي تعرضت لها في 2016، حيث أجرى خادم الحرمين الشريفين اتصالاً هاتفيًا بالرئيس التركي، هنأه فيه بعودة الأمور إلى نصابها بعد محاولة الانقلاب العسكري التي شهدتها تركيا، ورحَّبت المملكة باستتباب الأمن والاستقرار في تركيا.

وسام للملك

وفي نوفمبر 2015، زار خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- تركيا لرئاسة وفد المملكة في قمة العشرين التي عُقدت بمدينة أنطاليا التركية، وأشاد -يحفظه الله- في برقية بعث بها إلى الرئيس التركي عقب مغادرته تركيا بالنتائج الإيجابية التي توصلت إليها أعمال القمة، والتي سيكون لها كبير الأثر في توثيق التعاون بين دول المجموعة في المجالات كافة.

وفي أبريل 2016، منح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وسام (الجمهورية) لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وهو أعلى وسام في تركيا يمنح لقادة ورؤساء الدول، وكان ذلك في زيارة رسمية لخادم الحرمين الشريفين إلى أنقرة في زيارة رسمية تلبية لدعوة الرئيس التركي.

زيارة المملكة

وفي أبريل من العام الحالي، زار الرئيس رجب طيب أردوغان رئيس جمهورية تركيا المملكة، واستقبله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -يحفظه الله- في قصر السلام بجدة، كما أجرى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، مباحثات مع الرئيس التركي في قصر الـسلام بجدة، جرى خلالها استعراض العلاقات السعودية التركية، وفرص تطويرها في مختلـف المجالات، بالإضافة إلـى بحث مستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها.

وتتواصل العلاقة الطيبة بين خادم الحرمين الشريفين وتركيا، والتي امتدت منذ ولايته للعهد، إذ شكَّلت زيارته لتركيا عام 2013، حين كان ولياً للعهد، أهمية كبيرة في العلاقة الثنائية بين البلدين، حيث جرى خلالها توقيع اتفاقية التعاون الصناعي الدفاعي بين المملكة وتركيا التي وقعها وزراء خارجية البلدين، وكانت الدعوة تلبية للدعوة الرسمية التي وجَّهها له الرئيس التركي السابق عبدالله غُل.

سجلت الزيارات المتبادلة بين القيادتين في المملكة وتركيا دليلا ساطعا على قوة العلاقات ومتانة وشائجها منذ زيارة الملك فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- لمدينة إسطنبول التركية عام 1966 في إطار جهوده وسعيه لتوحيد الدول الإسلامية، كما أثمرت الزيارة التاريخية للملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- إلى تركيا في الثامن من أغسطس 2006، التوقيع على ست اتفاقيات ثنائية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية التركية، ومذكرة تفاهم بشأن المشاورات السياسية الثنائية بين وزارتي الخارجية في البلدين، إلى جانب العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم.

كما أجرى الأمير د. منصور بن متعب بن عبدالعزيز آل سعود وزير الدولة ومستشار الملك سلمان زيارة لتركيا بتاريخ 9 يوليو 2018، للمشاركة في مراسم تنصيب رجب طيب أردوغان رئيساً للجمهورية التركية حينها.

تعاون وتبادل

وفي مجال التعاون الاقتصادي، شهد العام 1973، توقيع اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي والفني بين المملكة وتركيا، وتطور بشكل مستمر حتى وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2006 نحو ثلاثة مليارات دولار.

ووقفت المملكة إلى جانب الحكومة التركية والشعب التركي لمواجهة الزلازل والكوارث الطبيعية، ودعمت مراكز الأبحاث هناك وقدمت المساعدات البترولية.

وتأسس مجلس الأعمال التركي السعودي في أكتوبر 2003، في جدة، وعقد المجلس آخر اجتماع له بتاريخ 30 نوفمبر 2016 في إسطنبول. كما أجرى أعضاء اللجنة التنفيذية في مجلس الأعمال التركي السعودي زيارة للرياض بتاريخ 25 فبراير 2018.

صندوق التنمية

وضمن التعاون الاقتصادي بين المملكة وتركيا وافق الصندوق السعودي للتنمية عام 2013، على تقديم تسهيلات ائتمانية من خلال خطوط ائتمان لتمويل تصدير سلع وخدمات وطنية غير نفطية متنوعة من المملكة بمبلغ إجمالي قدرة (70) مليون دولار، أي ما يعادل (262.5) مليون ريال لصالح عدد من البنوك بجمهورية تركيا.

وأصبحت تركيا أول دولة أجنبية تتم دعوتها كضيف شرف للمعرض الرابع لدعم الإنتاج المحلي (AFED 2018) في المملكة، والذي نظم في الرياض في الفترة ما بين 25 فبراير إلى 3 مارس 2018، حيث شارك فيه وفد تركي برئاسة الأستاذ الدكتور إسماعيل دمير رئيس رئاسة الصناعات الدفاعية وضم في عضويته أيضاً ممثلي الشركات الدفاعية الوطنية التركية.

وحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء في المملكة، ارتفعت الواردات السعودية من تركيا بنسبة 2.8 % خلال الربع الأول من 2022، لتبلغ 19 مليون دولار مقابل 18.5 مليون دولار في الفترة المماثلة عام 2021.

يذكر أن المنتجات الكيماوية تحتل الجزء الأكبر لواردات تركيا من المملكة، حيث تستورد تركيا من المنتجات الكيماوية والنفطية ما قيمته 2.7 مليار دولار.

تعاون عسكري

وفي شكل من أشكال التعاون الثنائي بين البلدين، كان التعاون العسكري حاضراً، إذ انطلقت في عام 2013، فعاليات التمرين التحضيري للقوات الجوية الملكية السعودية بمشاركة عدد من طائرات القوات الجوية بأنواعها الهجومي والدفاعي وطائرات الإنذار المبكر بكامل أطقمها الجوية والفنية والمساندة، للمشاركة في مناورات «نسر الأناضول 3/2013» التي أقيمت في قاعدة كونيا الجوية في تركيا.

وشاركت الجمهورية التركية في فبراير 2016، في فعاليات تمرين «رعد الشمال»، الذي انطلق في المنطقة الشمالية من المملكة، وبمشاركة 20 دولة عربية وإسلامية، والتي اختتمت في مارس من نفس العام، بعرض عسكري، وتهدف المناورات إلى رفع معدلات الكفاءة الفنية والقتالية للعناصر القتالية المشاركة، وتنفيذ مخطط التحميل والنقل الاستراتيجي للقوات من مناطق تمركزها إلى موانئ التحميل والوصول، بما يحقق النقاط والأهداف التدريبية المرجو الوصول إليها، وصولاً إلى أعلى معدلات الكفاءة والاستعداد القتالي لتنفيذ مهمات مشتركة بين قوات الدول المشاركة لمواجهة المخاطر والتحديات التي تستهدف أمن واستقرار المنطقة.

تبادل ثقافي

ولا يكتمل التعاون بين الدول إن لم يكن هناك تبادل ثقافي، تتشارك خلاله شعوب هذه الدول الثقافات والعادات والتقاليد الشعبية لبعضهما، وتأكدت الرغبة المشتركة بين المملكة وتركيا في التعاون الثقافي وتبادل الزيارات، من خلال اتفاقية التعاون الثقافي الموقعة عام 1976، وكذلك افتتاح الأيام الثقافية السعودية في العاصمة التركية أنقرة في أكتوبر 2007 التي تضمنت صورا لواقع المملكة الثقافي والأدبي والفني تجسد من خلال المعارض والمحاضرات والأمسيات والحفلات والعروض الفنية.