اليوم - الوكالات

«السبع» تضيق الخناق على موسكو وتحظر واردات الذهب الجديدة

أصابت صواريخ روسية مبنى سكنيا وروضة أطفال في العاصمة الأوكرانية كييف، أمس الأحد، في ضربات استنكرها الرئيس الأمريكي جو بايدن ووصفها بـ«الهمجية»، فيما قررت دول مجموعة السبع حظر واردات الذهب الجديدة من موسكو عندما بدأت قمتها بجبال الألب في بافاريا بألمانيا.

وهز ما يصل إلى أربعة انفجارات وسط كييف في الساعات الأولى من صباح أمس، في أول هجوم من نوعه على المدينة منذ أسابيع، وقالت «رويترز»: إن دوي انفجارين آخرين سُمع في الضواحي الجنوبية للمدينة في وقت لاحق من اليوم.

وقال آندري يرماك، مدير مكتب الرئيس الأوكراني: «قصف الروس كييف مرة أخرى، ألحقت الصواريخ أضرارا بمبنى سكني وروضة أطفال».

وشاهد مصور لـ«رويترز» حفرة كبيرة قرب ملعب في روضة أطفال خاصة جراء انفجار حطم نوافذها.

وقال قائد الشرطة الأوكرانية إيهور كليمينكو للتليفزيون الوطني: إن خمسة أشخاص على الأقل أصيبوا في القصف، قبل أن تعلن الشرطة عن مقتل شخص.

ضربات همجية

وخلال قمة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى في ألمانيا، قال بايدن في إشارة للضربات: «إنها (تظهر) مزيدًا من همجيتهم».

ومع دخول أكبر معارك برية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية شهرها الخامس، بدأ التحالف الغربي الذي يدعم كييف في إظهار علامات على التوتر بين أعضائه مع خلاف الزعماء المتنامي بشأن التكلفة الاقتصادية المتنامية التي تشمل ارتفاعا حادا في أسعار الغذاء والطاقة.

وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون: إنه ينبغي للغرب الحفاظ على جبهة موحدة في مواجهة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأضاف للصحفيين: «ثمن التراجع وثمن السماح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالنجاح واقتطاع أجزاء كبيرة من أوكرانيا ومواصلة برنامجه للغزو سيكون أعلى بكثير، الجميع هنا يدرك ذلك».

ويبدو أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قررا تنحية خلافاتهما على هامش قمة الدول السبع بعد عام من خلافهما حول خروج لندن من الاتحاد الأوروبي «بريكست» لا سيما بشأن أيرلندا الشمالية.

وقال مسؤولون فرنسيون: قرر الجانبان تحسين علاقتهما وتركيز جهودهما المشتركة على مساعدة أوكرانيا في حربها مع روسيا.

وربت كل زعيم على كتف الآخر وتبادلا الابتسامات والدعابات في بداية اجتماعهما، مما يشير إلى بدء علاقة أكثر دفئا بعد مرور عام شهد خلافا بين الحليفين المقربين حيال عدة قضايا كان آخرها في روما حول حقوق الصيد.

وذكر بيان أصدره مكتب جونسون أن الزعيمين اتفقا على زيادة الدعم لأوكرانيا في حربها مع روسيا.

وقال متحدث باسم «داوننج ستريت» في بيان: «اتفقا على أنها لحظة حاسمة في مسار الصراع، وأن هناك فرصة لتغيير دفة الحرب».

مؤيدون للحرب الروسية على أوكرانيا بمظاهرة في مدينة هانوفر الأمريكية (د ب أ)


صافرات الإنذار

وكانت الحياة تعود إلى طبيعتها في كييف بعد أن أعاقت المقاومة الشرسة التقدم الروسي في المرحلة الأولى من الحرب، على الرغم من إطلاق صفارات الإنذار بشكل متكرر في جميع أنحاء المدينة.

ولم تتعرض كييف لضربات كبيرة منذ أوائل يونيو.

وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو على تطبيق «تيليجرام»: إن المدفعية الروسية أصابت حي شيفتشينكيفسكي بوسط كييف صباح اليوم (أمس الأحد)، مما أدى إلى تدمير جانب من مبنى سكني من تسعة طوابق وتسبب في اندلاع حريق.

وأضاف كليتشكو: «هناك أناس تحت الأنقاض»، وأردف: «إن العديد من الأشخاص نُقلوا بالفعل إلى مستشفى، انتشل (رجال الإنقاذ) فتاة في السابعة من عمرها، إنها على قيد الحياة، وهم يحاولون الآن إنقاذ والدتها».

وقال متحدث باسم سلاح الجو الأوكراني: إن الضربة نُفذت بما بين أربعة وستة صواريخ بعيدة المدى أُطلقت من قاذفات روسية على بُعد أكثر من ألف كيلو متر في منطقة أستراخان جنوب روسيا.

وأضاف: «إن بعض الصواريخ أُسقطت».

وقالت وزارة الدفاع الروسية: إنها استخدمت أسلحة عالية الدقة لضرب مراكز تدريب للجيش الأوكراني في مناطق تشيرنهيف وجيتومير ولفيف، في إشارة على ما يبدو لضربات أعلنت عن وقوعها أوكرانيا أمس الأول السبت.

ولم يصدر تعليق روسي بعد عن ضربات أمس الأحد على كييف.

وتنفي موسكو استهداف المدنيين، لكن أوكرانيا والغرب يتهمان القوات الروسية بارتكاب جرائم حرب في صراع أودى بحياة الآلاف ودفع الملايين للفرار من أوكرانيا ودمر مدنا.

وسقطت مدينة سيفيرودونيتسك الرئيسية في شرق أوكرانيا في أيدي القوات الموالية لروسيا أمس الأول السبت بعد انسحاب القوات الأوكرانية، قائلة: إنه لم يعد هناك أي شيء للدفاع عنه في المدينة المدمرة بعد قتال عنيف على مدى شهور.

هزيمة كييف

ويعد سقوط سيفيرودونيتسك هزيمة كبيرة لكييف بينما تسعى للاحتفاظ بالسيطرة على منطقة دونباس الشرقية، وهي هدف عسكري رئيسي للكرملين.

وتقول موسكو: إن إقليمي لوجانسك ودونيتسك في دونباس، حيث دعمت انتفاضات منذ 2014، دولتان مستقلتان، وتطالب أوكرانيا بالتنازل عن كامل أراضي الإقليمين لإدارتين انفصاليتين.

واجتاحت القوات الروسية أوكرانيا يوم 24 فبراير فيما وصفها الكرملين بأنها «عملية عسكرية خاصة» لازمة لضمان أمن روسيا وتخليص أوكرانيا من القوميين الخطرين، بينما ترفض كييف والغرب ذلك الطرح وتقولان «إنه ليس سوى حجة واهية للاستيلاء على أراضي أوكرانيا».

وللحرب تأثير ضخم على الاقتصاد العالمي والأمن الأوروبي إذ رفعت أسعار الغاز والنفط والأغذية ودفعت الاتحاد الأوروبي لتقليص الاعتماد على الطاقة الروسية كما دفعت فنلندا والسويد إلى طلب عضوية حلف شمال الأطلسي.

وقال الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو: إنه سيحث نظيريه الروسي والأوكراني على بدء حوار خلال مهمة سلام في الدولتين المتحاربتين، وإنه سيطلب من بوتين أن يأمر بوقف فوري لإطلاق النار.

وقال ويدودو قبل سفره لحضور قمة مجموعة السبع في ألمانيا: «لا بد من وقف الحرب، وهناك حاجة إلى إعادة فاعلية سلاسل إمداد الغذاء العالمية».

وحذرت الأمم المتحدة من أن حربا طويلة في أوكرانيا، وهي إحدى الدول الرئيسية المصدرة للحبوب في العالم، تهدد بإشعال أزمة جوع عالمية.

وسعيًا إلى المزيد من تضييق الخناق على روسيا، أعلنت دول مجموعة السبع حظر واردات الذهب الجديدة من روسيا عندما بدأت قمتها في جبال الألب في بافاريا بألمانيا.

وسيعقد زعماء دول حلف شمال الأطلسي قمة في العاصمة الإسبانية مدريد يومي 29 و30 يونيو.

المدفعية الروسية أصابت حي شيفتشينكيفسكي بوسط كييف أمس الأحد (رويترز)


مسار المعركة

ويغيّر سقوط سيفيرودونيتسك، التي كان عدد سكانها أكثر من 100 ألف شخص قبل الحرب وأصبحت الآن مهجورة، مسار المعركة في شرق أوكرانيا بعد أسابيع من القتال لم يسفر فيه تفوق قوة النيران الروسية سوى عن مكاسب بطيئة.

ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية عن ممثل للمقاتلين الانفصاليين المؤيدين لروسيا قوله: إن القوات الروسية والقوات الموالية لها دخلت ليسيتشانسك عبر النهر ويقاتلون في المناطق الحضرية هناك.

وكانت المدينتان آخر أكبر المدن التي تسيطر عليها القوات الأوكرانية في الشرق.

وتعهد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في خطاب مصور بأن تستعيد بلاده المدن التي خسرتها، بما فيها سيفيرودونيتسك.

ولكنه قال: «لا نعلم إلى متى ستستمر الحرب، وكم ضربة أخرى سنتلقاها، وكم خسارة، والجهود التي سنحتاجها قبل أن يلوح النصر في الأفق».

وفي بلدة بوكروفسك التي لا تزال أوكرانيا تحتفظ بالسيطرة عليها في دونباس، كانت إيلينا، وهي امرأة مسنة مقعدة من ليسيتشانسك من بين عشرات الأشخاص الذين تم إجلاؤهم ووصلوا بالحافلة من مناطق الخطوط الأمامية.

وقالت: «في ليسيتشانسك، كان الرعب مسيطرًا الأسبوع الماضي، لم نعد قادرين على تحمّل الأمر، أمس، لقد أخبرت زوجي بالفعل إذا مت، رجاء ادفني خلف المنزل».

في غضون ذلك، بدأت المظاهرة المناوئة لقمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في مدينة جارميش- بارتنكيرشن الألمانية القريبة من مكان انعقاد القمة في قصر إلماو البافاري.

وذكر عدة مراسلين لوكالة الأنباء الألمانية: إن العدد التقريبي للمشاركين في المظاهرة يُقدر بـ1000 شخص، ولم يتوافر بعد تقدير من الشرطة لعدد المتظاهرين.

ورافقت قوة كبيرة من الشرطة المظاهرة، كما نشرت الشرطة نحو 18 ألف فرد من أفرادها في المنطقة لتأمين القمة.

ويركز المتظاهرون على قضية أزمة المناخ والخوف من تصعيد حرب أوكرانيا.