اليوم - الدمام

تضاربت الأنباء بشأن تخلّف روسيا عن سداد ديونها السيادية بالعملة الأجنبية للمرة الأولى منذ 100 عام، في ظل ذروة العقوبات الغربية الأكثر صرامة التي أغلقت طرق الدفع أمام الدائنين في الخارج.

وانتهت أمس فترة السماح على حوالي 100 مليون دولار من مدفوعات الفائدة المستحقة في مايو، ولكن بالنظر إلى الأضرار التي لحقت بالاقتصاد والأسواق، فإن التخلّف عن هذا السداد لا يهم الروس الذين يتعاملون مع أسوأ تضخم وانكماش اقتصادي منذ سنوات.

في المقابل، قال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين: لا أساس لوصف هذا الوضع بأنه تخلّف عن السداد، هذه المزاعم خاطئة تمامًا، وروسيا قامت بتسوية ديونها في شهر مايو الماضي.

وتمتلك روسيا الكثير من العملات الأجنبية بسبب عائداتها الهائلة من النفط والغاز، لكن العقوبات الدولية عزلت البلاد عن النظام المالي العالمي وعقّدت قدرتها على الدفع لحاملي السندات الأجانب.

فقد تم إرسال المدفوعات المستحقة في 27 مايو إلى مؤسسة الإيداع الوطنية للتسوية في روسيا (NSD) التي تمررها عادةً إلى جهات إيداع الأوراق المالية الدولية مثل Euroclear في بلجيكا أو Clearstream في لوكسمبورج، ومن ثم تقوم بتسوية الصفقات للعملاء، إلا أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على NSD في أوائل يونيو، أدى إلى حرمان المؤسسات الغربية من تلقي المدفوعات.

وزير المالية الروسي



وفي هذا الصدد، وصف أنطون سيلوانوف، وزير المالية الروسي الأمر بأنه مهزلة، قائلا: يمكن لأي شخص أن يعلن ما يحلو له، لكن من يفهم ما يجري يعرف أن هذا ليس تقصيرًا من جانب روسيا بأي حال من الأحوال، مؤكدًا أن موسكو أرسلت الأموال إلى المستثمرين، لكن العقوبات المالية المفروضة على البلاد في أعقاب حربها مع أوكرانيا أعاقت قدرتها على الوصول إلى أصحابها.

فلاديمير بوتين الرئيس الروسي


ووقع فلاديمير بوتين الرئيس الروسي، مرسوما هذا الأسبوع يحدد آلية جديدة لتسديد المدفوعات المقبلة بالروبل، ثم السماح للمستثمرين بتحويلها إلى عملات أجنبية، ورغم هذا القرار لا تحتوي شروط هذه السندات على أي أحكام لتسديد المدفوعات بالروبل الروسي.

وقد صرح المسؤولون الروس، بمن فيهم وزير المالية مرارًا وتكرارًا أن الحكومات الغربية كانت تحاول إجبار البلاد على التخلف عن السداد، قائلين إن موسكو ستدفع بالروبل إذا لم تصل الدولارات إلى حاملي السندات.

الانتظار والترقب



ووفقًا لشبكة Bloomberg الأمريكية، أوضح حسن مالك، كبير المحللين في لوميس سايلز آند كومباني إل بي أن إجبار دولة لديها الإمكانيات المالية، على التخلف عن سداد مديوناتها أمر غريب ونادر، وستكون واحدة من أكبر وقائع التخلف عن السداد في التاريخ.

بينما أكد تاكاهيد كيوشي، الخبير الاقتصادي في معهد نومورا للأبحاث في طوكيو أن معظم حاملي السندات سيتبعون نهج الانتظار والترقب، ولن يدخلوا في صراعات مع روسيا، فقط ينتظرون هدوء الأوضاع وتخفيف العقوبات.

وعن أضرار هذا التخلف، قالت تاتيانا أورلوفا، كبيرة الاقتصاديين في الأسواق الناشئة في أكسفورد إيكونوميكس، إن العقوبات الكبيرة على روسيا تجعل من الصعب للغاية على حاملي السندات الأجانب استرداد استثماراتهم، نظرًا لأن روسيا من المرجح أن تتخلف عن السداد بسبب العقوبات وليس نقص السيولة، فمن المتوقع أن يكون هناك تأثير ضئيل على سكانها، لكن سينظر إليها على أنها ضربة كبيرة للمصداقية الروسية.



المرة الأخيرة التي تخلفت فيها روسيا عن دفع مديوناتها، كانت منذ أكثر من قرن، تحديدًا في عصر البلاشفة تحت قيادة فلاديمير لينين عام 1918، عندما قرر عدم تسديد كم الديون المذهل في حقبة القيصر.