أروى المزاحم

حين نتحدث عن المستحيل، فإننا نتحدث عن أمرٍ بعيد المنال وهدفٌ لا يمكن الوصول إليه وتحقيقه، وغاية لا يمكن إدراكها بتات البتة، مهما حاولنا ومهما بذلنا من أجلها، وتباعاً لذلك فقد اعتدنا وصف الأمر مستحيل الحدوث بأنه من سابع المستحيلات حينما نود تأكيد استحالة وقوعه بشدة، مما يدل على أن هناك ستة مستحيلات في الثقافة العربية قد يجهلها الغالبية وسأذكرها هنا على عجالة وهي: الغول والعنقاء والخل الوفي والسعادة الحقيقية والقناعة وهوس الشباب وفي أقوالٍ أخرى قيلت إنها ثلاثة فقط وهي الغول والعنقاء والخل الوفي، وإن كانت ثلاثة أو ستة، فإن الخل الوفي قد تكرر في كلاها الأمر الذي يؤكد لنا صعوبة وجود خليل وفي.

الخل الوفي أو الصاحب المحب أو الصديق، الذي تشعر بأنه أخاك، الذي لم تنجبه أمك هو أحد المستحيلات، التي نفى العرب قديماً حدوثها، فالصداقة عملة نادرة فعلاً، وذات مكانة خاصة جداً لا يملأها كائن مَن كان، فهي من أهم العلاقات الإنسانية، التي تحمل في جعبتها الكثير من المشاعر النبيلة والثمينة، والتي لا يمنحها من أجلك إلا شخصاً معدنهُ أصيل، فهي تبدأ من مشاعر الصدق والاحترام والإيثار والتفاهم والتضحية وتكاد لا تنتهي، والمحظوظ حقاً هو مَن امتلك صديقاً يخفف عنه متاعب الدنيا وتقلب أحوالها دون أن يتقلب هو معها، فيجدهُ قريباً منه وقت ألمه وضيقته، يشاركهُ أفراحهُ وأتراحه في زمانٍ كثر فيه الجفاء والكذب والخيانة ونكران الجميل، وكم أغبط نفسي مراراً لامتلاكي صديقات بنكهة الأخوات ورفيقات دربٍ أجدهن بالشدة قبل الرخاء، فإن وجود أمثالهن في حياتي لنعمة تستحق الحمد والشكر، ولا أرجو من الله سوى ألا يغير علينا الحال إلا لأحسنه.

ومضة:

يصبح المستحيل ممكناً إذا آمن الإنسان بحلمه وقدراته وتسلّح بالشجاعة، التي تعينه على ذلك، وحين يُدرك يقيناً بأنه مع الله فقط تحدث المستحيلات.

@al_muzahem