عبدالعزيز الذكير

@A_Althukair

تعلمنا من أساتذة النحو أن هناك أفعالا عديدة تنصب مفعولين مثل ما دلّ على معنى الإعطاء، مثل: أعطى - منح - وهب - كسا - ألبس - سمَّى - زاد - نقص، فتقول: أعطيتُ زيدًا كتابًا.

ويُنصف النُّحاة فعل «مَنَعَ» لو أدخلوه مع البيعة وجعلوه «ينصب» عشرات المفاعيل. قصدي أن كلمات مَنَعَ، ممنوع لها مجال كبير. حتى النحو عندنا لم يسلم من «الممنوع من الصرف».

صدرت في الولايات المتحدة الأمريكية الكثير من القوانين المتعلقة بمسائل بعضها جدي وبعضها تافه. والمدقق سوف يرى قوانين عجيبة، التي ما زال بعضها سارياً في بعض المناطق دون غيرها.

أولا: يمنع عبور الشارع على يديك! تخيل أن هناك مَن حاول القيام بهذا أصلاً.

ثانيا: ممنوع وضع عصابة حول عيني سائق السيارة! أليس بديهياً ألا يقوم أي راكب بمجازفة من هذا النوع؟!

ثالثا: ممنوع إشعال السيجار وتقديمه للحيوانات المنزلية كالقطط والكلاب.

رابعا: ممنوع نقل قرن من الأيسكريم في جيبك.

خامسا: ممنوع على الطفل اللهو بالقفز فوق برك الماء الموحلة.

سادسا: يحذر طيران النحل فوق البلدة.

وتعليل هذا -ربما- أن المشرّع الأهلي أو المحلّي، يريد فقط أن يتخلّص من الأشياء، التي في عهدته لاتخاذ قرار بشأنها. والمنع هو أقرب ما تيسّر من الحلول.

مرة أرادت صحيفة نشر خبر موضع جدل أثناء حرب الخليج، وكان في وزارة الإعلام مناوب ليلي -لظروف المرحلة-!. وعندما اتصلت به الصحيفة طالبة الإذن بنشر المادة قال: لو نشرتموها دون استئذان، فالأمر هيّن وسهل، ولا أعتقد أنه يوجد لدى الوزارة ما يدعو إلى منع النشر. لكن... ما دمتم استأذنتم، فأنا لا أتحمل وجود اسمي في تحقيق كمجيز لمادة جدلية، وأحسن ملجأ لي الآن أن أقول: ممنوع.

وتحاول الدول الراقية مسح كلمة «ممنوع» من التعليمات. ففي حديقة أزهار عامة يطرقها الجمهور في السويد كتبوا: إذا قطعت زهرة فهي لك. ولو تركتها أصبحت لكل الزوار. ولاحظوا أن العبث بالأزهار قلّ بنسبة كبيرة على مرّ الأيام حتى انعدم تماما.

وأطلعني صديق على مسودة عقد لعمالة مؤسسته. فوجدتُ فيها فقرة غريبة بعض الشيء تقول: ممنوع «التمدد» (الاضطجاع) على الكراسي في الممرات..!، أو النوم. وربما كان لديه عمالة أو مستخدمون إداريون من طائفة معينة من الناس يميلون إلى «تعسيلة» أثناء العمل. وقلت له لا أرى داعيا للفقرة تلك، ويكفي أن تُنبه مَن قام بذلك شفهيّاً. وهذا يدخل ضمن فقرة «التقيّد بتعليمات صاحب العمل» ومن حبنا وتأقلمنا مع كلمة «ممنوع» تقبلناها بصدر رحب في قواعد.

ودليل التمرّد على الكلمة جاءنا مؤلّفو الأمثال بقول: كل ممنوع متبوع.