د. عبدالوهاب القحطاني

تعد البنوك السعودية من دعائم الاقتصاد السعودي منذ عقود طويلة. قوة ومتانة البنوك في المملكة تزيد من قوة الاقتصاد السعودي في عصر العولمة والرقمية والمنافسة العالمية التي تزيد من التحديات للمملكة وقطاعاتها الاقتصادية العديدة. ويصحب انضمام المملكة لعضوية منظمة التجارة العالمية الانفتاح الاقتصادي وتقليص كل من الحمائية والدعم الحكومي للقطاع المالي ما يجعل البنوك السعودية تواجه منافسة صعبة تقودها البنوك الأجنبية التي ترغب في الدخول إلى سوق القطاع البنكي الواعد والمليء بالفرص الاستثمارية، خاصة أن المملكة مقبلة على مرحلة طموحة من النمو في شتى القطاعات الاقتصادية بما فيها القطاع البنكي بحلول 2030، لذا يجب تطوير الخدمات المالية السعودية لتكون على مستوى عال من المنافسة فيما بينها من جهة ومقارنة بالمؤسسات المالية العالمية من جهة أخرى.

تلعب البنوك السعودية دورا بارزا في التنمية الاقتصادية في المملكة، حيث ساهمت في توظيف الكوادر الوطنية وتدوير رأس المال ودعم مؤسسات القطاعين الحكومي والخاص بالقروض التي ساهمت في توسع مشاريعها. ولقد ساهم القطاع البنكي السعودي في تدريب السعوديين الذين التحقوا به، حيث يحتل عدد كبير منهم مراكز قيادية عالية ساهمت في صناعة القرارات الإستراتيجية التي نلمس ثمارها اليوم. وبالرغم من التقدم الملموس في القطاع البنكي السعودي إلا أنه لا يزال غير منافس في بعض الخدمات مقارنة بما وصلت إليه بعض البنوك الأجنبية في الكثير من الدول المتقدمة، حيث تنقص القطاع البنكي السعودي الحساسية الشديدة تجاه الزبون سواء من ناحية كمية وجودة الخدمات المالية المقدمة أو مواجهة متطلبات قطاع الأعمال من حيث القروض وشروطها. بلا شك يحتاج القطاع البنكي في المملكة إلى تنويع وتطوير الخدمات المقدمة لزبائنه لأن قدوم المنافسين الأجانب يعني توجه زبائن البنوك السعودية نحو البنوك الأجنبية المنافسة لتلبية حاجاتهم من خدمات لا يجدونها لدى بعض البنوك السعودية.

تسويق الخدمات المالية في الغالب «مبني» على مفاهيم قديمة تتبعها بعض المؤسسات المالية عندما كانت بيئة المنافسة في القطاع البنكي محدودة بعدد قليل من المنافسين لخدمة عدد كبير من الزبائن ما جعل قوة التفاوض بيد البنوك وبالتالي أثر سلبا في جودة خدماتها. تغيرت اللعبة اليوم بزيادة عدد البنوك المحلية والعالمية المتنافسة، بحيث أصبحت قوة التفاوض من حيث السعر والجودة بيد الزبون إلى حد كبير بينما كانت في السابق بيد البنوك التي تحدد السعر الذي يحقق لها أرباحا عالية بغض النظر عن رضا الزبون.

أرى أهمية تقديم عدد من التوصيات للبنوك السعودية ومنها تطوير وظيفة التسويق فيها لأن تسويق الخدمات البنكية من أعقد أنواع التسويق من حيث الإقناع والرضا.

ضرورة زيادة عدد وجودة الخدمات المالية للزبائن لبقائهم معها. تواجه البنوك السعودية صعوبة في إقناع زبائنها للبقاء معها. تيسير إجراءات القروض الصغيرة والكبيرة لتلبية احتياجات المقترضين وتوسيع قاعدة تنويع الاستثمار في البنوك حتى لا تعتمد على مصدر ضيق لنموها. تطوير الحساسية الشديدة في التعامل مع الزبائن من قبل موظفي البنوك السعودية، فهي ذات أهمية كبيرة لأنها مباشرة بين الزبون والموظف ما يجعلها تترك انطباعات إيجابية أو سلبية حسب تعامل الموظف مع الزبون (عميل البنك). دعم البنوك السعودية للباحثين في الجامعات للقيام بدراسات في سلوك المستهلك والتسويق والسلوك التنظيمي لدعم سياساتها وتحسين جودة صنع القرار فيها انطلاقا من رغبة وحاجة الزبون. تستوجب المنافسة بذل البنوك المزيد من العمل في جانب المسئولية الاجتماعية، خاصة أنها تحقق أرباحا عالية تمكنها من المشاركة في رفاهية المجتمع السعودي سواء عن طريق التبرع للجامعات لدعم مراكز البحوث فيها أو التبرع لغيرها من الجهات المحتاجة للدعم المالي في المملكة. هناك فجوة كبيرة بين ما يتوقعه المجتمع من البنوك السعودية وما تقدمه، لذا تحتاج للمزيد من الدعم لبناء ولاء يخدمها لرفع مستوى ولاء الزبون، خاصة بعد دخول البنوك الإقليمية والعالمية إلى قطاع البنوك في المملكة.

كلية الأعمال KFUPM

@dr_abdulwahhab