د. محمد حامد الغامدي

n كم تحتاج الوزارة المعنية من الأموال، والجهد، والإمكانيات المساندة لإعادة توطين أبناء المزارعين، وأحفادهم زراعيا؟ جيل من الآباء ترك مهنة الزراعة التاريخية. جيل هجر المزارع التقليدية منذ مرحلة طفرة سبعينيات القرن الماضي الميلادي، فأصبحت هناك فجوة لها أكثر من قراءة، تثير كثيرا من الأسئلة الإستراتيجية الملهمة.

n هل هناك ضرورة لإعادة توطين الزراعة كمهنة وإلى أي مدى؟ هل هناك جدوى لإعادة التوطين؟ هل نحن بلد زراعي؟ ما هي الميزة النسبية التي نمتلكها؟ ويظل السؤال التالي قائما مع كل الظروف: هل ستكون تحديات ندرة المياه عقبة مستدامة تحول دون تحقيق التطلعات؟

n كيف يمكن لنا التغلب على تحديات ندرة المياه؟ هل هي مجرد «أماني» أم أن أمامنا فرصا تحتاج لاقتناص وتفعيل؟ كيف يمكننا تحقيق نجاح مواجهة التحديات البيئية والمناخية بشكل عام؟ ماذا عن العطش العظيم القادم في ظل المؤشرات؟ أيضا هناك الكثير من الأسئلة الأخرى المتعلقة بالمياه والزراعة والبيئة والمستقبل.

n هناك أجوبة تراكمية قدمتها خلال العقود الثلاثة الماضية، تحمل أفكارا إستراتيجية. جميعها موثقة في كتبي. إن إثارة الأسئلة بشكل مستمر محفز وملهم لتحقيق مستقبل أفضل. وذلك في ظل العمل المسؤول لتحقيق التطلعات الجادة. هناك أيضا مستجدات ومتغيرات لها أسئلتها المهمة وأفكارها. إن إعادة طرح الأسئلة حول أي موضوع يعني أن مسببات إثارتها لا تزال قائمة.

n حزمة المشاكل والتحديات والاحتياجات تحتاج إلى فكر علمي إستراتيجي يستوعب، ويحلل، ويستنتج وفق معايير علمية، بعيدا عن الاجتهادات والتخمينات. فكر يعي أبعاد تلك الحزمة بدقة، وكأنه يرى الأشياء -وفقا للمؤشرات العلمية- قبل وقوعها. المياه تحد كبير وخطير، يحتاج إلى عقول علمية خبيرة وحذرة، لكنها جسورة. عقول ترتقي لمستوى التحدي وخطورته وأهميته وتأثيره على المستقبل.

n ويطفو السؤال التالي مع العودة إلى الأسئلة المتعلقة بهجرة المزارعين: على ماذا تدل تلك الهجرة الجماعية العظيمة لسكان الريف بالمملكة؟ هل لها معالم تحذر وتنذر؟ هل تقدم خارطة مفيدة للمستقبل؟ الهجرة جاءت لأسباب وضغوط هائلة تعرّض لها المزارعون، عجلت بتركهم مزارعهم، والتخلي نهائيا عن تاريخهم الزراعي والمائي والبيئي التراكمي عبر القرون.

n كيف نحول دروس وعبر تلك الهجرة إلى نجاحات مستقبلية؟ كيف نحولها إلى قيمة لصالح المستقبل؟ هل كان لظاهرة تلك الهجرة مؤشرات إيجابية على المشهدين الزراعي والمائي؟ ماذا عن المشهد البيئي؟ ماذا أخرجت لنا تلك الهجرة من خلل، وتحديات، وتأثيرات سلبية على الحاضر والمستقبل؟ هل تم تشخيص مشاكلها وتحدياتها من قبل الوزارة للانتفاع؟

n السؤال الأكثر نضجا وإلحاحا وإلهاما يقول: هل يوجد تاريخ زراعي سعودي مكتوب؟ هل هناك إدارة خاصة في وزارة البيئة والمياه والزراعة لرصد وكتابة التاريخ الزراعي خلال عمر الوزارة المعنية الممتد منذ عام (1954)، وذلك لتحقيق أغراض، منها -على الأقل- رصد الدروس، والعبر، والحقائق، وتوظيفها لصالح استدامة المياه الجوفية، بجانب تحقيق التوازن المطلوب مع الزراعة؟

n كيف يمكن إعادة الزراعة كمهنة لقطاع واسع من المواطنين في ظل تحديات ندرة المياه وغياب الوعي بأهمية المياه الجوفية؟ أين ومتى نرى برامج إعادة التأهيل الزراعي لخلق أجيال من الأسر الزراعية الشابة المنتجة والمنافسة والمستدامة المهنة الزراعية؟ ما المعايير لتحقيق ذلك؟

n هل تستطيع الوزارة حاليا معالجة تقصيرها التراكمي عبر تاريخها، خاصة هجرة المزارعين إلى القطاعات الأخرى؟ هل ستنجح في رسم هجرة شابة معاكسة ناجحة؟ كم من الأموال نحتاج؟ السؤال الإستراتيجي الأهم: هل هناك ضرورة لهذه الهجرة المعاكسة؟

n الحقول الزراعية بنمط الزراعة التقليدية، بجانب ندرة المياه، تدعونا إلى التفكير بعمق في أمر الهجرة المعاكسة، وفي أمر الزراعة برمتها. إن العلم وتقنياته ونظرياته يحمل مفتاح حل كل قضية. العلم وحقائقه تؤكد حاجتنا إلى تنمية زراعية رأسية وليس تنمية زراعية أفقية. كل ذلك لصالح استدامة المياه الجوفية. ويستمر الحديث بعنوان آخر.

twitter@DrAlghamdiMH