غنية الغافري

شرفني الله هذا العام بأن أكون مشرفة في إحدى حملات الحج وحيث كنت أرى الاجتهاد الكبير الذي قدمته هذه الحملة من خدمات وأعمال لترضي ضيوفها وتتشرف بهذه الخدمة الجليلة إلا أن الشخصيات تتفاوت فمنهم من يرى الجانب الممتلئ من الكأس ومنهم من لا يرى إلا السواد مهما كانت كمية النور فهو موجود في هذا العالم كمراقب منتقد !! فلا في بيته راض ولا في الشارع ولا في العمل حتى عندما اختاره الله حاجا يرتدي البياض لم يتخلص من سواد نظرته للحياة وعينه الناقدة المتشائمة وانشغل بالبحث عن السلبيات في كل عمل إيجابي فالناس تلبي وتهلل وتكبر ولسان حاله (أبي مشاكل) !! ومن طريف ما مر بي من الناقدين أن إحدى الحاجات انتقدت عدم وجود عاملة متخصصة بالمساج في الحملة ! وأن هذه الخدمة من الضروريات الأساسيات وشطحت إلى أمور أخرى رغم أنها مرت في طريقها بثلاجات ممتلئة بالمبردات والمثلجات والحلويات وأصناف الطعام عدا دورات المياه التي تنبعث منها رائحة النظافة والمعقمات والمطهرات والوجوه الهاشة الباشة والفعاليات التي تتناسب مع هذا النسك وتضفي جوا من المتعة والفائدة على الحاج، إلا أنها لم تفتقد إلا المساج !! فهو الأهم بالنسبة لها والعدد القليل الآخر من السلبيين يذكر دائما بالمال الذي دفعه ويهدد بالشكاوى والمشاكل، بيد أن هذا الصنف أخف وطأة من سابقه فهو ما يلبث أن يهدأ ويعلم يقينا أن ما يطلبه خارج عن المألوف أو غير متاح في هذه المواقف فيرضى ويبهج الجميع بابتسامة راضية واعتذار جميل في نهاية الرحلة، لكن الأجمل من هؤلاء من يحملون شخصيات تجعل الأعذار سيدة الموقف فيتخذون لكل عيب عذرا مهما كان نوعه وينتظرون حتى يكتمل المشهد ليحكموا عليه لا تفارقهم ابتسامة الرضا، هؤلاء لا يحتاجون لبوتكس يرسم لهم أفواههم أو يعدل لهم حواجبهم المقطبة ويعيد شعراتها المتناثرة ولا فيلر ينفخ لهم وجناتهم فهي تكاد تنفجر من الحنق والغضب، إن الراضين كفوا ذلك كله بسماحة زينتهم وجمال كل ما فيهم، فالجمال الحقيقي جمال الروح لا جمال الملامح.

أخيرا..

لا تضيعوا أعماركم بالقنوط المنهك والانتقاد القاتل.. ابحثوا عن الجمال في كل قبح وعن الامتلاء في كل فراغ ولا يسرق السخط أعماركم فالحياة تحوي الكثير من الجمال فابحثوا عن مواطنه تجدوه.

رسالة شكر..

لكل العاملين المتطوعين في حملات الحج فهم يبذلون جهودا كبيرة لخدمة حجاج بيت الله الحرام فلا أقل من ابتسامة أو كلمة طيبة نكافئهم بها.

@ghannia