عندما عملت في قسم برنامج السلامة المرورية بأرامكو السعودية، طلب مني رئيسي (أبو محمد) تحرير صفحة أسبوعية عن السلامة المرورية، وهذه الصفحة كانت تحررها جريدة (اليوم) مجانًا، كمساهمة مجتمعية تُشكَر عليها، وكشريك إعلامي من شركاء نجاح اللجنة، وبالتنسيق مع الأستاذ عبدالله الراجحي أمين عام لجنة السلامة المرورية، نقوم بتحديد موضوع أسبوعي عن السلامة المرورية للحديث عنه بطريقة تجذب القارئ بعيدًا عن الرتابة، ففي أحد الشهور عام ٢٠١٧ لا أذكر أي شهر بالتحديد، خصصنا موضوعًا عن حوادث دبابات الترفيه المنتشرة في شاطئ نصف القمر والعزيزية والخطر الناتج عن فوضى التأجير، وسوء حالة الدبابات.. إلخ.. وعندما نتحدث عن خطورة الدبابات، فالحديث شامل كل مناطق المتنزهات التي تتواجد فيها تلك القنابل الموقوتة.
في تلك الأيام، كانت هناك حملة تحت شعار (ترفيه آمن)، تهدف إلى رفع الوعي عند المستخدمين، وتوفير دبابات آمنة، وبمواصفات عالمية من وجود سياج آمن يحمي الراكب في حال انقلاب الدباب من الأذى، وتوفير الخوذات، وتحديد المسارات مع تحديد أماكن لكل فئة عمرية، وغيرها من المتطلبات الآمنة؛ ليصبح ترفيهًا آمنًا متماشيًا مع شعار الحملة.
للأسف.. بعد خمس سنوات، أطالع في صحيفتنا الموقرة (اليوم) أنها خصصت صفحة كاملة عن فوضى تأجير الدبابات، وخطورة المكان بتاريخ ١٢ من ذي الحجة ١٤٤٣هـ، للحديث عن نفس المعاناة عام ٢٠١٧، وقد اشتمل التقرير على لقاء مع رئيس بلدية الظهران المهندس فيصل القحطاني، حيث قال إن البلدية تنفذ حملات تفتيشية مستمرة على مواقع الدراجات، وتقوم بحجز الدبابات التي يتم تأجيرها على المتنزهين بشاطئ نصف القمر بشكل مخالف.
وتم حجز أكثر من 390 دراجة من بداية هذا العام لمخالفتها أنظمة السلامة، وقد أبدى عدد ممن شملهم التقرير من الأهالي والمقيمين، استياءهم من غياب أدوات ومتطلبات السلامة، والفوضى التي يتم فيها تأجير الدراجات الصحراوية، في عدد من المواقع بكورنيش شاطئ نصف القمر، محذرين من احتمالية وقوع حوادث كثيرة، بسبب تهور بعض الشباب، وعدم إجادة آخرين قيادتها، إضافة إلى صغر حجمها، وصعوبة رؤيتها من قبل قائدي المركبات.
مَن يذهب إلى تلك المناطق بحجة الترفيه ما علموا أنهم على مقربة من الترويع، والغريب كيف يسمح الآباء والأمهات لأبنائهم بارتياد تلك الأماكن؟، ناهيك عن ركوب تلك القنابل في مسارات متقاطعة وغير محددة، ودبابات صحراوية مهترئة، وأعمار متفاوتة.. و...؟!
بالأمس تعرَّض شاب في الثلاثين من عمره لحادث انقلاب الدباب الصحراوي في شاطئ نصف القمر، أخذ الشاب على إثره للمستشفى، وبعد الكشف عليه تبيَّن كسر في العمود الفقري، وتمزق الحبل الشوكي، دعواتنا له بالشفاء، ولكم أن تتخيّلوا عمق المأساة، كيف تحوَّلت حياة شاب في ريعان الشباب بين عشية وضحاها!!
ليس الحل في مصادرة عدد من الدبابات، بل في إيقاف التأجير ما لم يكن المكان آمنًا بكل ما تحمله كلمة آمن من معنى، قد يكون الحل في تسليمها مستثمرين لتطبيق جميع الاشتراطات بشرط أن يكون السعر عقلانيًّا وليس جنونيًّا؛ لأن سلامة جيوب مَن يبحث عن الترفيه لا تقل أهمية عن سلامة الأبناء!!
مَن يُرد معرفة حجم المأساة فعليه أن يسأل أقسام الطوارئ عن ضحايا حوادث الدبابات، خاصة أثناء الأعياد، وفي الإجازات هناك مَن بُترت أقدامهم، وآخرون تقطّعت أصابعهم، على سبيل المثال بلغ إجمالي الإصابات الناتج عن حوادث الدبابات في الربع الأول من عام ٢٠١٧ في مستشفى الملك فهد التعليمي بالخبر أكثر من ٢٥٠٠ إصابة!
أي أن هناك ٢٥٠٠ عائلة تحوّل ترفيههم إلى معاناة، والفرح إلى ترح، والسعادة إلى تعاسة ولا أبالغ والسؤال متى يقف هذا الرعب؟!
Saleh_hunaitem@
في تلك الأيام، كانت هناك حملة تحت شعار (ترفيه آمن)، تهدف إلى رفع الوعي عند المستخدمين، وتوفير دبابات آمنة، وبمواصفات عالمية من وجود سياج آمن يحمي الراكب في حال انقلاب الدباب من الأذى، وتوفير الخوذات، وتحديد المسارات مع تحديد أماكن لكل فئة عمرية، وغيرها من المتطلبات الآمنة؛ ليصبح ترفيهًا آمنًا متماشيًا مع شعار الحملة.
للأسف.. بعد خمس سنوات، أطالع في صحيفتنا الموقرة (اليوم) أنها خصصت صفحة كاملة عن فوضى تأجير الدبابات، وخطورة المكان بتاريخ ١٢ من ذي الحجة ١٤٤٣هـ، للحديث عن نفس المعاناة عام ٢٠١٧، وقد اشتمل التقرير على لقاء مع رئيس بلدية الظهران المهندس فيصل القحطاني، حيث قال إن البلدية تنفذ حملات تفتيشية مستمرة على مواقع الدراجات، وتقوم بحجز الدبابات التي يتم تأجيرها على المتنزهين بشاطئ نصف القمر بشكل مخالف.
وتم حجز أكثر من 390 دراجة من بداية هذا العام لمخالفتها أنظمة السلامة، وقد أبدى عدد ممن شملهم التقرير من الأهالي والمقيمين، استياءهم من غياب أدوات ومتطلبات السلامة، والفوضى التي يتم فيها تأجير الدراجات الصحراوية، في عدد من المواقع بكورنيش شاطئ نصف القمر، محذرين من احتمالية وقوع حوادث كثيرة، بسبب تهور بعض الشباب، وعدم إجادة آخرين قيادتها، إضافة إلى صغر حجمها، وصعوبة رؤيتها من قبل قائدي المركبات.
مَن يذهب إلى تلك المناطق بحجة الترفيه ما علموا أنهم على مقربة من الترويع، والغريب كيف يسمح الآباء والأمهات لأبنائهم بارتياد تلك الأماكن؟، ناهيك عن ركوب تلك القنابل في مسارات متقاطعة وغير محددة، ودبابات صحراوية مهترئة، وأعمار متفاوتة.. و...؟!
بالأمس تعرَّض شاب في الثلاثين من عمره لحادث انقلاب الدباب الصحراوي في شاطئ نصف القمر، أخذ الشاب على إثره للمستشفى، وبعد الكشف عليه تبيَّن كسر في العمود الفقري، وتمزق الحبل الشوكي، دعواتنا له بالشفاء، ولكم أن تتخيّلوا عمق المأساة، كيف تحوَّلت حياة شاب في ريعان الشباب بين عشية وضحاها!!
ليس الحل في مصادرة عدد من الدبابات، بل في إيقاف التأجير ما لم يكن المكان آمنًا بكل ما تحمله كلمة آمن من معنى، قد يكون الحل في تسليمها مستثمرين لتطبيق جميع الاشتراطات بشرط أن يكون السعر عقلانيًّا وليس جنونيًّا؛ لأن سلامة جيوب مَن يبحث عن الترفيه لا تقل أهمية عن سلامة الأبناء!!
مَن يُرد معرفة حجم المأساة فعليه أن يسأل أقسام الطوارئ عن ضحايا حوادث الدبابات، خاصة أثناء الأعياد، وفي الإجازات هناك مَن بُترت أقدامهم، وآخرون تقطّعت أصابعهم، على سبيل المثال بلغ إجمالي الإصابات الناتج عن حوادث الدبابات في الربع الأول من عام ٢٠١٧ في مستشفى الملك فهد التعليمي بالخبر أكثر من ٢٥٠٠ إصابة!
أي أن هناك ٢٥٠٠ عائلة تحوّل ترفيههم إلى معاناة، والفرح إلى ترح، والسعادة إلى تعاسة ولا أبالغ والسؤال متى يقف هذا الرعب؟!
Saleh_hunaitem@