في الغالب نتحدث عن نجاحاتنا في عالم الكتب والقراءة، والبعض منا قد يتباهى بعدد الكتب التي يقرؤها سنويًّا، ولكن في المقابل القليل هم الذين يتحدثون عن إخفاقاتهم وعثراتهم في دروبها. واليوم نحن على مشارف نهاية السنة الهجرية، وسأتحدث لكم عن الوجه الآخر للعملة، حيث حصل لي هبوط غير اضطراري في معدل القراءة السنوي.
أيها القارئ الكريم يؤسفني أن أخبرك أنني لم أحقق المطلوب مني هذه السنة، حيث أتممتُ فقط قراءة (76) كتابًا، وكنتُ في سنة سابقة قد وصلتُ إلى (117) كتابًا. وكان العزم متجهًا إلى كسر حاجز (120) سنويًّا، ولكن ضعفت الهِمَّة!! حيث حصل نزول ذريع في معدل القراءة السنوية. وهذه القضية تحزنني كثيرًا؛ لأن القراءة منذ زمن صارت نديمي وصاحبي، وبات الفتور يدق بابي ساعة وساعة. فكيف لي أن أعود إليها وتعود إليّ؟، فالشوق يسوقني نحوها، والعقل حائر في أمرها. مع أنني ما زلتُ أحمل كتابًا معي في جُل أوقاتي، ولكن صدق رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام حين قال: «إنَّ لكلِّ شيءٍ (وفي لفظ: عملٍ) شِرَّةٌ ولكلِّ شِرَّةٍ فترةٌ».
وها هي السنة الهجرية الجديدة قد أزفت، وأرجو أن تكون سنة خير وكتب وقراءة، وأن تكون أفضل مما سبق. ولعلي أتحدث إليكم بصراحة أكثر عن أسباب إخفاقي وعثرتي. منها قلة الحرص والحماسة التي كانت عندي من قبل للقراءة في الأوقات الضائعة مثل: الانتظار في المستشفيات أو أوقات المراجعات في القطاع العام أو الخاص أو عند تأخر البعض عن مواعيدهم! بل في وقت مضى، كنتُ أقرأ عند الانتظار للإشارات المرورية، وفي زحام الطرقات، ولكن دوام الحال من المحال. ومع ذلك فما زلتُ أؤمِّل النفس بالعودة قريبًا، حيث يفترض أن أضع الكتاب المناسب للظرف والوقت المناسب، فكتب العيار الثقيل لا تصلح البتة في أوقات الانتظار.
ومن الأمور التي أجاهد النفْس عليها هي القراءة، حتى لو كنت في مزاج متقلب ومتعكّر! إذ إن مفهوم القراءة يتعدى عن كونه هواية إلى كونه غذاءً! فكما أن البدن لا يصمد بدون طعام، فكذلك العقل لا يتنوَّر بدون العلم والمعرفة!
ولعل من المسائل التي أبطأتني في الوصول إلى الهدف أن بعض الكتب عميقة وثرية، وتحتاج إلى بُطء وتأمُّل، والبعض الآخر لغتها أصيلة وبليغة، فنحتاج إلى الاستمتاع باللفظ والمعنى معًا.
ومن الأمور المؤثرة: الانشغال عن الساعة الذهبية اليومية؛ إذ لابد أن تكون هناك ساعة من ليل أو نهار، العقل يعيش فيها لحظات التركيز حتى يتسنى له أن يهضم الكتب هضمًا. حيث إنني كنتُ قد اعتمدتُ على القراءة المتقطعة طوال اليوم في عدة فنون، سواء كانت أدبًا، تاريخًا، فلسفة، أو رواية... إلخ.
ولابد من الإشارة إلى نقطة مهمة، وهي المُلهيات وما أكثرها! ولعل أولها بلا منازع الهواتف الذكية، وأشدها تأثيرًا مواقع التواصل الاجتماعي من واتساب وتوتير وغيرهما من التطبيقات. وهي بالفعل المزاحِم الرئيسي للكتاب والقراءة!
ولا مناصَ من القول إن كل ما ذكرته آنفًا هو أعذار أسوقها لنفسي!، ولكن الحقيقة أن الاستفادة من الأوقات لم تكن بالشكل المثالي أو المنضبط؛ إذ لو راجعت حساباتي جيدًا، فسأجد أن هناك الكثير من الأوقات المهدرة يُمنةً ويُسرة، وهذا ليس جلدًا للذات، بل محاسبة من أجل المراجعة والتحسين والتطوير.
وأرجع لأؤكد أنني هنا أعرض تجربتي للاستفادة منها، وأتحدث إلى نفسي بصوتٍ مرتفع، وأعاتبها على تقصيرها، فلعلها تندم وتتوب وتعود إلى رشدها!!
ومع ذلك كله، فإننا نخطط ونبذل قصارى جهدنا، ولكن التوفيق هو السر الخفي في كل ما نعمل!
abdullaghannam@
أيها القارئ الكريم يؤسفني أن أخبرك أنني لم أحقق المطلوب مني هذه السنة، حيث أتممتُ فقط قراءة (76) كتابًا، وكنتُ في سنة سابقة قد وصلتُ إلى (117) كتابًا. وكان العزم متجهًا إلى كسر حاجز (120) سنويًّا، ولكن ضعفت الهِمَّة!! حيث حصل نزول ذريع في معدل القراءة السنوية. وهذه القضية تحزنني كثيرًا؛ لأن القراءة منذ زمن صارت نديمي وصاحبي، وبات الفتور يدق بابي ساعة وساعة. فكيف لي أن أعود إليها وتعود إليّ؟، فالشوق يسوقني نحوها، والعقل حائر في أمرها. مع أنني ما زلتُ أحمل كتابًا معي في جُل أوقاتي، ولكن صدق رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام حين قال: «إنَّ لكلِّ شيءٍ (وفي لفظ: عملٍ) شِرَّةٌ ولكلِّ شِرَّةٍ فترةٌ».
وها هي السنة الهجرية الجديدة قد أزفت، وأرجو أن تكون سنة خير وكتب وقراءة، وأن تكون أفضل مما سبق. ولعلي أتحدث إليكم بصراحة أكثر عن أسباب إخفاقي وعثرتي. منها قلة الحرص والحماسة التي كانت عندي من قبل للقراءة في الأوقات الضائعة مثل: الانتظار في المستشفيات أو أوقات المراجعات في القطاع العام أو الخاص أو عند تأخر البعض عن مواعيدهم! بل في وقت مضى، كنتُ أقرأ عند الانتظار للإشارات المرورية، وفي زحام الطرقات، ولكن دوام الحال من المحال. ومع ذلك فما زلتُ أؤمِّل النفس بالعودة قريبًا، حيث يفترض أن أضع الكتاب المناسب للظرف والوقت المناسب، فكتب العيار الثقيل لا تصلح البتة في أوقات الانتظار.
ومن الأمور التي أجاهد النفْس عليها هي القراءة، حتى لو كنت في مزاج متقلب ومتعكّر! إذ إن مفهوم القراءة يتعدى عن كونه هواية إلى كونه غذاءً! فكما أن البدن لا يصمد بدون طعام، فكذلك العقل لا يتنوَّر بدون العلم والمعرفة!
ولعل من المسائل التي أبطأتني في الوصول إلى الهدف أن بعض الكتب عميقة وثرية، وتحتاج إلى بُطء وتأمُّل، والبعض الآخر لغتها أصيلة وبليغة، فنحتاج إلى الاستمتاع باللفظ والمعنى معًا.
ومن الأمور المؤثرة: الانشغال عن الساعة الذهبية اليومية؛ إذ لابد أن تكون هناك ساعة من ليل أو نهار، العقل يعيش فيها لحظات التركيز حتى يتسنى له أن يهضم الكتب هضمًا. حيث إنني كنتُ قد اعتمدتُ على القراءة المتقطعة طوال اليوم في عدة فنون، سواء كانت أدبًا، تاريخًا، فلسفة، أو رواية... إلخ.
ولابد من الإشارة إلى نقطة مهمة، وهي المُلهيات وما أكثرها! ولعل أولها بلا منازع الهواتف الذكية، وأشدها تأثيرًا مواقع التواصل الاجتماعي من واتساب وتوتير وغيرهما من التطبيقات. وهي بالفعل المزاحِم الرئيسي للكتاب والقراءة!
ولا مناصَ من القول إن كل ما ذكرته آنفًا هو أعذار أسوقها لنفسي!، ولكن الحقيقة أن الاستفادة من الأوقات لم تكن بالشكل المثالي أو المنضبط؛ إذ لو راجعت حساباتي جيدًا، فسأجد أن هناك الكثير من الأوقات المهدرة يُمنةً ويُسرة، وهذا ليس جلدًا للذات، بل محاسبة من أجل المراجعة والتحسين والتطوير.
وأرجع لأؤكد أنني هنا أعرض تجربتي للاستفادة منها، وأتحدث إلى نفسي بصوتٍ مرتفع، وأعاتبها على تقصيرها، فلعلها تندم وتتوب وتعود إلى رشدها!!
ومع ذلك كله، فإننا نخطط ونبذل قصارى جهدنا، ولكن التوفيق هو السر الخفي في كل ما نعمل!
abdullaghannam@