سالم اليامي

@salemalyami

في الأيام القليلة الماضية، شهدت المنطقة زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للمنطقة وكانت نقطة الضوء في الزيارة وصول الرجل إلى الأراضي السعودية ولقاء قيادة هذه البلاد المباركة، وهذه المشاهد التليفزيونية، التي تابعها الملايين عبر شاشات التليفزيون، وعبر نشرات الأخبار من المفيد التوضيح طبيعة التواصل السياسي والدبلوماسي في ثلاثة مستويات هي ما قبل الزيارة، وما تم خلال الزيارة، وما الذي يتوقع أن يترتب على الزيارة.

في المستوى الأول، يعرف الجميع أن العلاقات السعودية - الأمريكية وإلى حد ما العلاقات الخليجية - الأمريكية وربما العلاقات الأمريكية - العربية لم تك في أفضل مستوياها، وإذا سألنا ما هو السبب الرئيس في ذلك، فستأتي أغلب الإجابات بالقول إن الإدارة الديمقراطية، التي يمثلها الرئيس الأمريكي جو بايدن وإدارته اختطوا منذ اللحظات الأولى سياسة إعلامية وربما عملية خاصة في بعض الملفات لم تك تلك السياسة داعمة ومعززة على تقوية وتطوير وتنمية العلاقات بين الجانبين، والمسارات التي كانت محل إخفاق في هذه الفترة كانت سياسية وإعلامية وعسكرية وربما أوجه أخرى أغفل التعاون فيها فنمت وتكاثرت غيوم على العلاقات وقللت من الزخم التقليدي بين أطراف هي في الأساس في مراتب الشركاء إن لم نقل في مراتب الحلفاء.

وفي المستوى الثاني، نزعم وهذا تحليل وتوقعات، وليس معلومات أن اللقاء المهم الذي جمع القيادة الأمريكية لأول مرة بقيادة هذه البلاد، وبقيادات خليجية وعربية في الأغلب أنه سيؤثر في تحريك مستوى العلاقات، والمواقف بمعنى أن كثيرا من نقاط عدم الالتقاء وربما الخلاف يمكن تذويبها باللقاء المباشر أو ما يعرف بدبلوماسية الصالونات، التي تتخفف كثيرا من روتينية وتقليدية الأساليب الدبلوماسية التقليدية، التي في جوهرها تقوم على الرسائل، والرسل، والمبعوثين ونقل وجهات النظر بين الأطراف المعنية.

في المسار الثالث، في الغالب ستكون هناك استفادة من تحريك الأمور بطريقة أكثر مباشرة وعملية، التي يوفرها المسار الثاني وسيكون الانعكاس لهذا التأثير كما جرت العادة على المسار الثالث، الذي في الغالب سيشكل المستقبل وشكل وطبيعة العلاقات بعد الزيارة، وهذا في رأينا هو الحالة التي نتطلع إليها جميعا كمحصلة للزيارة وما دار فيها من لقاءات وتشاورات، وتبادل لوجهات النظر، وما بحث بين كل الأطراف من مخاوف، وتهديدات، وتقديرات، وما طرح من حلول ورؤى، وما تم اعتماده بشكل نهائي وحقيقي كخطة عمل لتعزيز التعاون وصد الأخطار، ومواجهة التحديات.

منطقة الشرق الأوسط في العقدين الأخيرين لم تعد هي تلك المنطقة في الفترات السابقة، والمنطقة في المستقبل على المستويين المتوسط، والبعيد قد تأخذ أشكالاً جديدة من العمل، والتعاون، والحوار. ومن المهم، والمفيد أن نفهم في هذه المرحلة أن كثيرا من المعطيات ستتغير إما بفعل تغير وتبدل طبيعة التهديدات، والتحديات، وإما بتغير جذري في مصالح الأطراف وقدرتها على الحفاظ على مقومات أمنها واستقرارها. الأمن والسلم الدوليان يواجهان تحديا غير مسبوق في المنطقة، وهذان عنصران مهمان دولياً للاستقرار والبناء وأهداف عليا للمنظومة الدولية كما يقول بذلك صراحة ميثاق الأمم المتحدة، عودة الاهتمام وربما الرعاية الأمريكية لهذين البعدين في شكلهما العام في أغلب التقدير سيكون عامل نجاح لمنطقة مزدهرة، وهذا ما يأمله الجميع.